4 طرق يمكن للحكومات من خلالها إساءة استخدام البلوك تشين

أليكس ليلاتشر
| 0 min read

مكنتنا تقنية البوك تشين من بناء اقتصاد لامركزي جديد، ينتزع القوة من السلطات المركزية ويعيدها الى الشعب. يعتقد معظم المدافعين عن هذه التكنولوجيا أن تبنيها على نطاق واسع سيفضي بنا إلى مجتمع أكثر حرية، ونزاهة، وشفافية، حيث تستند معاملاتنا إلى اللامركزية، أو الند-للند.

Source: iStock/filo

ولكننا يجب ألّا ننسى أن هناك أيضاً جانب آخر للبلوك تشين لم يُناقش على نطاق واسع حتى الآن في وسائل الإعلام، وهو أنه يمكن لبعض الحكومات أن تسيء استخدام تكنولوجيا البلوك تشين لتمكين الأنظمة الاستبدادية.
في هذا المقال، سيتم تعريفك كيف يمكن للحكومات الاستفادة من تكنولوجيا البلوك تشين زيادة سلطتها بطريقة تحدّ بشكل كبير من الحرية الفردية لمواطنيها.

تتبع جميع المعاملات المالية من خلال عملة رقمية سيادية على سجل معاملات مسموح به

إحدى أسهل الطرق للحكومات الحاقدة لزيادة سيطرتها على مواطنيها هي جعل المجتمع غير نقدي، بحيث تكون فيه العملة السيادية للبلاد عملة رقمية تعمل على سجلات معاملات مرخص بها، لا يمكن لأحد وصولها سوى البنك المركزي، ووزارة المالية، والفروع الحكومية الأخرى. وهذا من شأنه تمكين الدولة من الحصول على شفافية مالية بنسبة 100٪ فعليًا حول كل فرد يستخدم العملة السيادية في الوقت الفعلي. وفي حين أن هذا السيناريو قد يكون حلم محقّق للمنظمين الماليين والبنوك المركزية، إلّا أن ذلك سيكون كابوساً للأفراد وسيادتهم المالية.

هذا السيناريو في الواقع ليس بعيد المنال لأن العديد من الحكومات قد أعلنت عن خطط لإصدار عملتها السيادية في شكل عملة رقمية مبنية على البوك تشين. علاوة على ذلك، أطلقت فنزويلا بالفعل عملة رقمية خاصة بها، رغم أنها مثيرة للجدل، تدعى Petro.

وإذا ما وضعت هذه النسخ الرقمية من العملات الورقية لبلد ما في سجل معاملات مسموح به فقط، فإن ذلك يهدد الحرية الفردية.

استخدام الهويات الرقمية القائمة على البلوك لتتبع آثار المواطنين الرقمية

يمكن أن يسمح تخزين الهويات الرقمية على شبكة البلوك تشين للمواطنين غير الرسميين مثل اللاجئين أو الأفراد الذين يعيشون في المناطق الريفية من البلدان النامية بالحصول على وثائق هوية في شكل رقمي. لذلك، تُعتبر الهويات الرقمية من أكثر استخدامات البلوك تشين الواعدة في المناطق غير المستقرة والبلدان النامية.

ومع ذلك، يمكن أيضًا إساءة استخدام الهويات الرقمية المستندة إلى البلوك تشين من قِبل الحكومات إذا تم إنشاء نظام إدارة هوية على نحو يمنح الدولة سيطرة على البيانات ويتيح لها الاستفادة من هذه البيانات لتتبع آثار المواطنين الرقمية.

على سبيل المثال، إذا كان من الممكن ربط الهوية الرقمية للمواطن بحسابات وسائل الإعلام الاجتماعية الخاصة به، وخدمات الدفع، وتسجيل الدخول والخروج في مكان العمل، وطريقة التنقل، فقد تتمكن الحكومة من تتبع خطوات الجميع في الوقت الحقيقي.

يمكن للمرء أن يجادل بأن ذلك موجود بالفعل في بلدان مثل الولايات المتحدة، أو المملكة المتحدة، حيث تستخدم مؤسسات تطبيق القانون والاستخبارات بالفعل الآثار لرقمية مثل بطاقات الائتمان، والرسائل النصية والمكالمات الهاتفية لتتبع الأفراد. إلّا أن الهويات الرقمية تكون متصلة مع جميع الخدمات الرقمية التي يستخدمها الفرد، بما في ذلك تكنولوجيا التعرف على الوجه، لذلك سيكون هناك مجال كبير لإساءة استخدام البلوك تشين بهذه الطريقة من الحكومات السيئة.

إنشاء نظام تقييم اجتماعي غير قابل للتغيير

يمكن تطوير هذه الهويات الرقمية القائمة على البلوك تشين بإضافة نظام تسجيل تقييم اجتماعي للأفراد غير قابل للتغيير، يتم من خلاله تقييم الأفراد حسب “قيمهم الاجتماعية”، بحيث توضع لكل فرد علامة بحسب تصرفاته المجتمعية!

يمكن بعد ذلك استخدام هذه “القيمة الاجتماعية” لتحديد ما هي فرص التعليم والعمل التي يمكن منحها للشخص، المكان الذي يجوز لهذا الشخص الإقامة فيه، ما هي التجمعات التي يمكن له حضورها، وما إذا كان مسموحًا له ببدء عمل تجاري، أو في الحالات القصوى سواء أيمكن له أن يكون حرّ في المجتمع أو إذا كانت ترتأي الدولة أنه من الأفضل أن يتم حبس ذلك الشخص.

في حين قد يبدو هذا سيناريو مستقبلي من وحي الأفلام، إلا أن الواقع هو أن الصين بدأت بالفعل في تطبيق نظام تقييم اجتماعي داخل حدود سور الصين العظيم.

ووفقًا لشركة Wired، فقد بدأت الصين في اختبار نظام تسجيل العلامات والذي يهدف إلى قياس “موثوقية” مواطنيها البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة تقريبًا. تم إطلاق البرنامج في عام 2014 ومن المفترض أن يعمل بكامل طاقته على الصعيد الوطني بحلول عام 2020. وفي الوقت الحالي، يقال إن نظام التقييم الاجتماعي يمنع بالفعل أصحاب العلامات المنخفضة من شراء تذاكر الطيران والقطار، أو حضور بعض الفعاليات الاجتماعية، وحتى التسجيل في بعض مواقع المواعدة.

يمكن “تطوير” نظام التقييم الاجتماعي هذا باستخدام تقنية البلوك تشين من خلال جعل جميع البيانات المخزّنة غير قابلة للتبديل، ومشاركتها بسهولة مع أطراف ثالثة مرخصة. ويمكن بعد ذلك استخدام هذا النظام من قبل الحكومات لقمع الفئة التي تعتبرها ذات قيمة أقل أو تعتبرها تهديدًا بسبب موقفها من السلطة.

تخزين سجلات مزورة على بلوك تشين القطاع العام

جانب هام من تطبيق تكنولوجيا البلوك تشين، والذي نادراً ما يتم نقاشه هو جودة البيانات المدخلة إلى السجلات. بمجرد أن يتم تسجيل البيانات على البلوك تشين، ويتفق جميع المشاركين على أنها صحيح، يتم تخزينها بطريقة غير قابلة للتغيير. ولكن، ماذا لو تم تزوير البيانات التي تم وضعها على البلوك تشين؟

يمكن لشبكات البلوك تشين اللامركزية فعلاً منع تخزين البيانات الخاطئة على البلوك تشين. ولكن لا يمكن لسجل بيانات مركزي تديره سلطة مركزية تحقيق هذا المستوى من الثقة. في الواقع، يمكن أن تمتلك هذه البلوك تشين بيانات زائفة، أي أنها بالطبع ستحرم البلوك تشين من ميزاتها الأساسية.

يمكن للحكومات الاستبدادية والسياسيين المتعطشين للسلطة أن ينشئوا سجل معاملات للحكومة المركزية لتسجيل أي نوع من المعلومات بحجة أن جميع البيانات الواردة فيها صحيحة وقد لا تستطيع مجابهة هذا الكذب، حتى لو كانت البيانات المخزنة بالفعل مزورة.