التلاعب في سعر البتكوين يهدّد الثقة بالعملات الرقمية

| 0 min read

كان أحد أسباب ازدياد رواج العملات الرقمية مثل البتكوين بشكل كبير أنها تُباع وتُشترى دون إشراف حكومة أو أي طرف ثالث على ذلك، ولكن الجانب السلبي لهذا الأمر أنه وعلى خلاف الأصول والسندات، فإنّه من الصعوبة كشف التلاعب في الأسعار أو الاحتيال في سوق العملات الرقمية.

Source: iStock/gopixa

وقد قامت وزارة العدل الأمريكيّة في أيّار/مايو بفتح تحقيق جنائي لفحص إذا ما كان هناك تلاعب في الأسعار في أسواق العملات الرقمية، ولم يكن من الواضح معرفة الوقت الّذي تحقّق فيه، ومن المحتمل أنها ستركز على الارتفاع الحاد والانخفاض الذي حصل في نهاية عام 2017 وبداية عام 2018.

وقد يكون أثر المتاجرة بالعملات الرقمية بشكل غير مشروع كبيراً. فعلى سبيل المثال، bitconnect والّتي كانت سابع أكبر عملة رقمية، تقلّص سعرها في غضون ساعات في كانون الثاني/يناير، ممّا أدّى إلى خسارة الكثير من المستثمرين ملايين الدولارات، وانخفاض ثقة الناس بالعملات الرقمية المشروعة.

لقد قمنا بالبحث بالعملات الرقمية في السنوات الأخيرة القليلة الماضية، وفي آخر بحث قمنا بنشره في the Journal of Monetary Economics في وقتٍ سابق هذا العام، وجدنا دليلاً على احتيال حدث في 2013 و2014، حين ارتفعت الأسعار وانخفضت مجدداً على مدى عدّة أشهر.

هل من الممكن أن يؤدي الفشل في منع وحدّ هذا النوع من الاحتيال إلى انخفاض الثقة بالعملات الرقمية؟

اذا يعدّ الاحتيال في مجال العملات الرقمية أمراً هامّاً

أولاً، علينا معرفة سبب اهتمام أيّ شخص بالعملات الرقمية، فقد تبدو القيمة السوقية الكلية لها والتي تبلغ 350 مليار دولار أمريكي هائلة، ولكنها لا تتعدى كونها جزءاً صغيراً من حجم سوق التداول العالمي، والّذي يقدّر بحوالي 100 تريليون دولار أمريكي.

كذلك نعلم أنّ قيمة العملات الرقمية قد ارتفعت في فترة قصيرة من الزمن، حيث كانت قيمتها السوقية الكلية 14 مليار دولار أمريكي في كانون الثاني/يناير 2014، وبعد إطلاق البتكوين كعملة رقمية أولى في عام 2009، فقد تلاها إصدار المئات، لتزيد عن 800 عملة اليوم.

وبينما يمكن استخدم العملات الرقمية نظرياً لشراء المنتجات والخدمات، إلّا أن عليها أولاً استقدام عدد كبير من التجار والمستهلكين، ليتم التعامل بها بشكل أكبر كما ينبغي، ولهذا السبب فإنّ العملات الرقمية حالياً تُشترى كأصول مالية مثل الأسهم والسندات الّتي يأمل مشتروها أن تصبح ذات قيمة مع مرور الوقت.

لكنّ على خلاف العملات، فإنّ الأصول المالية تتذبذب بشكل أكبر.
وبما أنّ المستثمرين الذين لا يملكون الخبرة يقومون بشراء العملات الرقمية بشكل متزايد، فإنهم يقعون في دائرة الخطر عندما يكون هناك ارتفاع في الأسعار، يليه انخفاض سريع.

أوّل تذبذب في عالم البتكوين

ما حدث لسعر البتكوين في 2013 أن سعر العملة ارتفع من حوالي 150 دولار أمريكي في تشرين الأول/أكتوبر إلى ما يزيد عن 1,000 دولار أمريكي في كانون الأول/ديسمبر قبل أن ينخفض مجدداً سعره لما يقارب 50% بعد أسابيع قليلة. وفي بداية عام 2014، قام العديد من الناس الّذين تداولوا عبر سوق Mt. Gox، الرائدة في حينها، قالوا بأنهم يشكّون بحدوث “نشاط مشبوه” في هذه السوق وكتبوا الكثير عنها.

في بحث سابق، تمكّنا من تحليل ما حدث في بداية العام 2014، بعدما تم تسريب بيانات الحوالات الخاصة بـ سوق Mt. Gox، وقد تمكنا من الوصول إلى معلومات عن ما يزيد على 18 مليون عملية من نيسان/أبريل 2011 إلى تشرين الثاني/نوفمبر 2013، وقد كانت هذه البيانات مرتبطة بحسابات مستخدمين لم يستخدموا هوياتهم الحقيقية، إلّا أننا وباستخدام هذه المعلومات، تمكنّا من ربط النشاطات المشبوهة ببعض الحسابات.

وقد أكّد تحليلنا للبيانات الكثير ممّا تمّ تقريره في المستندات “مجهولة الهوية”. وفي مرفق البحث، خضنا في تفاصيل كيف يمكن اعتبار عملية تحويل أنها مشبوهة، وقد استُخدم في ذلك تقنيتان؛ تسمّى الأولى Markus bot، وقد تمّ من خلالها إرسال تقارير بعمليات تحويل لم تحدث أصلاً، وكانت الثانية Willy bot، استخدمتها Mt. Gox لشراء البتكوين من زبائنها ولكنها لم تسمح للعديد منهم بسحب ثمنها من حساباتهم.

في جلسة محكمة تمّت في اليابان في عام 2017، أكّد Mark Karpeles المدير التنفيذي لـ Mt. Gox أن التقنية الثانية كانت قدّ تفعّلت بشكل أوتوماتيكي.

وقد أدّت هذه التقنية إلى زيادة العمليات التجارية في سوق Mt. Gox بشكل ملحوظ، وأسواق تداول أخرى كذلك، ولذلك فقد ارتفعت الأسعار حينها.

نؤمن أنّ هذه التجارة المشبوهة ستكون جزءً من التحقيق به التي تقوم به وزارة العدل، خاصةً في الأحداث الأخيرة في نهاية عام 2017.

تذبذب آخر في الأسعار

لقد كان العام الماضي عاماً مهولاً للعملات الرقمية، خاصة البتكوين، الّتي ارتفع سعرها من 1,000 دولار أمريكي في نهاية عام 2016 إلى ما يزيد عن 19,000 دولار أمريكي في كانون الأول/ديسمبر 2017.

ولكن الارتفاع الحقيقي في سعر البتكوين حدث في كانون الأول/نوفمبر عندما تضاعف ثلاثة أضعاف في أقل من شهر، إلّا أنّه ما لبث أن انخفض بذات السرعة إلى 7,000 دولار أمريكي في شباط/فبراير.

وقد قام كل من جون غريفين وأمين شمس، أساتذة العلوم المالية في جامعة تكساس، بنشر ورقة بحثية في حزيران/يونيو تضمنت أن التلاعب بالأسعار أدّى إلى الارتفاع لما يزيد عن 50%. وقد ركزّ بحثهم على تدفق دخول وخروج البتكوين عبر سوق Bitfinex، والّتي تعد واحدة من أكبر أسواق التداول وأقلها تنظيماً وفقاً لمقالة نشرت في The New York Times.

وعلى غرار البتكوين، هناك إمكانية للتلاعب بأسعار العملات الرقمية الأخرى، ويمكن حدوث ذلك بشكل أكير حتى.

ماذا في الأفق؟

في تعليق له في نيسان/أبريل حول طرح العملات الرقمية في السوق، قال روبرت جاكسون، مفوض لجنة الأمن والتبادل أنّ “المستثمرين يمرون بأوقات عصيبة لا يمكن فيها التفريق بين الاستثمار ومحاولات التحايل”.

يكمن التحدي الذي يواجه المستثمرين وغيرهم في معرفة إذا ما كان هناك تلاعب في الأسعار اليوم، حيث لا يوجد شفافية كافية حول أنماط التجارة، كما أن هذه الأصول ليست منظمة ومحكومة بقوانين مثل الأسهم والسندات الّتي يتم تداولها في أسواق معروفة مثل the Dow Jones وNasdaq. في بحثنا، كنا محظوظين بإيجاد بيانات الحوالات التي تم تسريبها بعد انهيار Mt. Gox، وهي معلومات لا تتوفر طوال الوقت.

العبرة الأساسية هي أنّ أسواق العملات الرقمية تستلزم تعاوناً أكبر بين المنظمين الماليين وأسواق التبادل. فعلى سبيل المثال، قد يجب على أسواق التبادل مشاركة البيانات حول حوالات للأفراد الّذين يملكون نفوذاً كبيراً من أجل التحقق أن أيّ حوالات لا تخرق القانون.

وقد يكون من التبعات السلبية المترتبة على عدم أخذ خطوات تنظم هذا المجال خسارة الثقة في العملات الرقمية.

_________
نشر هذا البحث عن نيل غاندل، أستاذ في العلوم الاقتصادية في جامعة تل أبيب، وتايلر مور، أستاذ مساعد في علم الحاسوب، وتاندي، رئيس الأمن الرقمي وضمان المعلومات في جامعة تولسا.

سبق نشر هذه المقالة على موقع The Conversation.