العملات الرقمية: الإمارات ما بين الرفض والتأييد

إنّ الاهتمام بالعملات الرقمية في ازدياد مستمر، ونرى أنّ هناك فئة جيّدة من المستثمرين العرب الّذين بدأت اهتماماتهم تتجه إلى العملات الرقمية؛ لا سيّما بعد المكاسب الّتي حقّقتها مؤخراً، ويجدر بنا هنا الإشارة إلى
البتكوين والّتي وصل سعرها إلى 19,000 دولار أمريكي في نهاية العام 2017.

ومن الجدير بالذكر أنّ بعض الدول العربية قد بدأت بالفعل باتخاذ اتجاهها في هذه الصناعة، لا سيّما في الإمارات العربية والّتي تتضارب فيها آراء الخبراء ما بين مؤيد ورافض للعملات الرقمية.

يرى بعض العلماء في الإمارات أنّ هذا الاهتمام المتزايد بالعملات الرقمية قد يؤثر سلباً على الاقتصاد الوطني، مبررين ذلك بأنّ استبدال المستخدمين للعملة الوطنية “الدرهم” بالعملات الرقمية قد يؤدي إلى تراجع في المدخرات المجتمعية واستنزاف الثروات والموارد، حيث سيتجه المستخدمون لادخار أموالهم باستخدام الكريبتو ممّا سيؤدي إلى انخفاض نسبة شراء الذهب والمعادن الثمينة الّتي يلجأ الناس لشرائها عادةً في سبيل الادخار، ويُقاس على ذلك الاستثمار في قطاعات العقارات والتجارة والأسهم.

ويرى بعض الخبراء أنّ من الخطورة التوجه للاستثمار بالعملات الرقمية من أجل تحقيق مكاسب كبيرة بسرعة وذلك لعدم وجود أصل ثابت تعتمد عليه هذه العملات. وعلى الرغم من ذلك، لا يوجد تشريعات قانونية تحظر استخدامها مع وجود الكثير ممّن يدعون للحذر منها؛ لا سيّما مع عدم معرفة من هو المؤسس الحقيقي لهذه العملات والسعي الدائم لإخفاء هوية القائمين عليها.

كما أنّ هناك خطر دائم لخسارات كبيرة مثلما حدث حين انخفضت قيمة البتكوين من 20,000 دولار أمريكي إلى 8,000 دولار أمريكي في فترة قصيرة جداّ تاركةً وراءها خسائر كبيرة للمستثمرين.

بالإضافة إلى ذلك، فإنّ استهداف البورصات ومنصات تبادل العملات الرقمية أصبحَ من أكثر الاختراقات الالكترونية شيوعاً حيث يعود ذلك بأرباح هائلة على المخترقين لا سيّما مع ارتفاع أسعار هذه العملات.

كل هذه الأمور وغيرها دعت فئة كبيرة من المستثمرين للحذر من العملات الرقمية واجتناب الاستثمار بها.

ومن جهة أخرى، فإنّ رئيس مجلس الوزراء – الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم – كان قد أطلق في وقتٍ سابق استراتيجية بلوك تشين 2021. ويرى في ذلك دعماً للحكومة في التحدّيات الّتي قد تواجهها مستقبلاً، كما ويعتقد أنّ هذه التكنولوجيا سترفع من المستوى المعيشي للسكان في الإمارات، من خلال تقليل ساعات العمل، والجهد والوقت والموارد.

وفي سبيل دعم هذه الخطة، بدأت الإمارات بإدخال التعامل بالعملات الرقمية إلى العديد من المجالات من أجل ترويجها، وسعت إلى ذلك أيضاً من خلال إنشاء دورات تدريبية لتعزيز الوعي بالبلوك تشين بالإضافة إلى دعم التخصصات الجامعية في هذا المجال.

وقد بدأت بعض الإمارات مثل إمارة دبي بالسماح بالدفع باستخدام العملات الرقمية وذلك سعياً لتشجيع الناس على الاستثمار في هذه العملات. فعلى سبيل المثال، أعلن فندق المهرة باي كريستال في رأس الخيمة والّذي يتوقع افتتاحه في العام 2020 عن نيته قبول الدفع باستخدام البتكوين أو عملات رقمية أخرى وذلك لمجاراة الشركات والمؤسسات العالمية الّتي بدأت بقبول الدفع باستخدام العملات الرقمية.

كما وقد أعلنت هيئة الطرق والمواصلات في دبي عن خطة لإطلاق نظام بلوك تشين لمتابعة المركبات، ومن المتوقع إطلاقه في العام 2020 أيضاً. وتسعى دبي لربط العديد من الأنشطة السياحية بأنظمة البلوك تشين لتتيح الفرصة للزوار من كافة دول العالم للتعامل بطرق الدفع الّتي تناسبهم والّتي تشمل العملات الرقمية أيضاً، وتتيح للسائح خيارات واسعة.

بالإضافة إلى ذلك، فقد قامت دبي بإطلاق منصة رقمية للتبادل تُدعى بالمكس يمكن من خلالها مبادلة العملات الرقمية بالدرهم الإماراتي. وقد تمّ إطلاقها في أواخر العام 2017، لتكون إحدى أولى البورصات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ويمكن المشاركة في بالمكس دون الحاجة لدفع رسوم ويمكن من خلالها تبادل أزواج من العملات الرقمية المعروفة عالمياً وعملات تم إنشاؤها محلياً مثل دبي كوين DBIX.

وتهدف هذه المنصة إلى تسهيل عملية التداول للمستثمرين بطريقة مضمونة حيث يمكن التداول باستخدام النقد بشكل مباشر، ولا يوجد حدّ أدنى للشراء، كما ويمكن شراء أجزاء من العملة، ولكن بحد أقصى للسحب والإيداع.

ومن المتوقع أن تساعد العملات الرقمية في رفع مستوى الدخل وتحقيق نمط حياة أفضل للمستخدمين.