خفض معدلات الفائدة قد يتسبّب بارتفاع سعر بيتكوين والعملات الرقمية الأخرى مع وجوب الحذر من انخفاضات محتملة قصيرة الأمد بحسب محللين

| 7 min read

قرار الاحتياطي الفيدرالي بخفض معدلات الفائدة بمعدل 50 نقطة أساس أمس 18 أيلول/سبتمبر قد يتسبّب بارتفاع سعر بيتكوين (Bitcoin-BTC) وفقاً لمحللي السوق.

قاعة كبيرة فيها حواسيب وشاشات تظهر فيها مخططات بيانية سعرية وعدة أشخاص وتعلوها عملة ذهبية تحمل شعار بيتكوين

أهم النقاط:

  • أعلن الاحتياطي الفيدرالي خفض معدلات الفائدة بمعدل 50 نقطة أساس أمس الأربعاء 18 أيلول/سبتمبر.
  • قد يتسبّب هذا الخفض بارتفاع أسعار العملات الرقمية على المدى الطويل، وفقاً لمحللين.
  • وفقاً لأحد المحللين فإن تغير توقعات خفض معدلات الفائدة من 25 إلى 50 نقطة أساس يعكس “عدم اليقين” فيما يخص سياسات الفيدرالي.

أعلن الاحتياطي الفيدرالي أمس الأربعاء خفض معدلات الفائدة للمرة الأولى منذ أربع سنوات، وكان من المرجّح منذ شهر أن يتم خفضها بمقدار 25 نقطة أساس، لكنّ التوقعات تحوّلت إلى ترجيح خفضِها بمقدار 50 نقطة في الأيام القليلة الماضية.

كذلك أشارت بيانات تداول العقود الآجلة المرتبطة بمعدلات الفائدة وجودَ احتمالٍ بنسبة 60% أن يقوم الفيدرالي بخفض هذه المعدلات بمقدار نصف نقطةٍ مئويةٍ (50 نقطة أساس)، حيث ارتفعت نسبة هذا الاحتمال من 28% منذ أسبوع إلى 50% يوم الإثنين الماضي.

ويُرجّح محللون أن يتسبّب خفض معدلات الفائدة بارتفاع أسعار العملات الرقمية على المدى الطويل، مشيرين أيضاً إلى وجود احتمالٍ بانخفاض الأسعار على المدى القصير، الأمرُ الذي يتوقف على حجم التخفيض، علماً بأن معدلات الفائدة قبل هذا الخفض الأخير تراوحت بين 5.25% و5.50%.

“عدم اليقين” بما يخص سياسة الاحتياطي الفيدرالي

في مقابلةٍ مع موقع Cryptonews، قال المدير التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة Hyblock Capital التي تتخذ من نيويورك مقراً لها شوب فارما (Shubh Varma) إن تحوّل توقعات المتداولين بخفض معدلات الفائدة من 25 إلى 50 نقطة أساسٍ يعكس “عدم اليقين” فيما يتعلق بسياسات الاحتياطي الفيدرالي.

وأردف بقوله: “قد يتسبّب خفض معدلات الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس بمزاج عام سلبي على المدى القصير لأنه قد يشير لسعي الاحتياطي الفيدرالي بكلّ قوةٍ لإيقاف حدوث ركود اقتصادي”. وأضاف فارما: “في المقابل، يمكن اعتبار خفض معدلات الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس أكثر حياديةً، وقد يعود بالفائدة على الأصول شديدة المخاطرة مثل العملات الرقمية”.

بدوره، قال رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول (Jerome Powell) في آب/أغسطس الماضي إن “الوقت قد حان” لخفض معدلات الفائدة، مشيراً إلى عدم رغبته برؤية تراجع سوق العمل بشكلٍ أكبر. كما واجه الاحتياطي الفيدرالي ضغوطاً لخفض المعدلات بنسبةٍ أكبر بعد أن أظهر تقرير البطالة الأخير إضافة 142,000 وظيفةٍ جديدة ضمن الاقتصاد الأمريكي في آب/أغسطس الماضي، وهو أقل من توقعات المحللين بإضافة 163,000 وظيفة. كما انخفضت نسبة البطالة -كما كان متوقعاً- من 4.3% في تموز/يوليو الماضي إلى 4.2%، بحسب بيانات مكتب إحصاءات العمل.

وأشار فارما إلى تفاقم الآثار السلبية لحالة عدم اليقين بسياسة الفيدرالي، والتي تبدو جليةً بالنظر للمؤشرات الفنية في سوق الكريبتو، ذلك أنّ عدد حسابات صغار المستثمرين ممّن يرجّحون ارتفاع سعر بيتكوين قد انخفض إلى أقل من 45%، الأمر الذي “قد يمثل إشارةً سلبيةً لأنّ استثمارات هذه الفئة تزداد غالباً عند توقع ارتفاع السعر”.

وبحسب المدير التنفيذي لشركة Hyblock Capital، يوجد مستويان سعريان مهمان -كما يوضح المخطط البياني الوارد أدناه- قد تزداد ضغوط البيع والشراء عندهما بشكلٍ كبير مع تأهب الفيدرالي لخفض معدلات الفائدة، مشيراً إلى وجود سيولةٍ كبيرة بين مستويي 61,300$ و61,400$، إلا أن النطاق السعري الذي يتراوح بين 56,900$ و57,300$ “يجذب سيولةً أكبرَ وبشكلٍ أسرع”.

وأكد فارما أنه في حال ارتفاع السعر إلى منطقة 61,300-61,400$ “فقد يتسبّب بدخول المستثمرين الكبار بانخفاضٍ يتجاوز 45% في نسبة المستثمرين المضاربين على ارتفاع السعر، ما قد يقدّم فرصاً للمضاربة على انخفاض السعر على المدى القصير”. وأكد فارما أن ازدياد نشاط التداول أسفل هذا النطاق السعري قد يتيح “مناطق ملائمةً لجني الأرباح … لا سيّما بالنظر إلى تأثير خفض معدلات الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس”.

أسعار الكريبتو قد لا تتأثر “كثيراً” بخفض معدلات الفائدة

بلغ سعر بيتكوين -في وقت الكتابة- 62,098$ تقريباً؛ وأشار المدير التنفيذي ومؤسس شركة تعدين بيتكوين Blockware -التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها- ميسُن جابا (Mason Jappa) إلى إيجابية توقعات أسعار الكريبتو على المدى المتوسط والطويل، لأنّ خفض معدلات الفائدة يُسهم عادةً بدعم الأصول شديدة المخاطرة مثل بيتكوين.

وفي مقابلةٍ مع موقع Cryptonews، قال جابا إن الأسعار في السوق قد “توافقت أساساً” مع احتمال خفض معدلات الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، و”من غير المحتمل أن تتأثر أسعار العملات الرقمية بشكلٍ كبير صعوداً أو هبوطاً على المدى القصير”.

وأردف بقوله: “يجدر بالمستثمرين التنبه لاحتمال ارتفاع السعر لمدة قصيرة في حال قرر جيروم باول خفض معدلات الفائدة بشكلٍ كبير”، كما يعتقد أن تواصل خفض معدلات الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس مستقبلاً قد يعني توفر أموالٍ أكثر لدى المستخدمين، وأردف بقوله:

“من المؤكد أن خفض معدلات الفائدة سيكون لصالح القطاع على المدى الطويل لأنه قد يتسبّب بتشجيع البنوك على منح قروض أكبر، ما قد يُسهم بزيادة صافي السيولة، فضلاً عن تشجيع المستثمرين على الاستثمار في الأصول شديدة المخاطرة مع انخفاض عائدات الخزانة الأمريكية”.

تجدر الإشارة إلى أن الاحتياطي الفيدرالي لم يقم بخفض معدلات الفائدة منذ آذار/مارس في عام 2020 خلال جائحة كورونا، حيث قام بخفضها إلى قيمةٍ ما بين 0% و0.25% من أجل تحفيز الإنفاق، وعندها ارتفع سعر BTC بنسبةٍ فاقت 600% ليصل إلى 30,000$ تقريباً في ذلك العام.

وبعد عام واحد على ذلك، ارتفع سعر BTC إلى أعلى مستوياته على الإطلاق حينَها عند 69,000$ في تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2021، مع احتفاظ البنك المركزي الأمريكي بمعدلات الفائدة نفسِها خلال عام 2022.

واتسمت تصريحات وارن ويتلوك (Warren Whitlock) -مستشارٌ تقنيٌّ في الولايات المتحدة ومؤسس عدة مشاريع كريبتو- بكونها أكثرَ حذراً في توقعاته حول تأثير قرار الفيدرالي بشأن معدلات الفائدة؛ وفي مقابلةٍ مع موقع Cryptonews، قال وارن:

“لا يُمكن توقع هذا التأثير بدقةٍ كبيرة، لكنّي أظنّ أن المستثمرين يرجّحون خفض معدلات الفائدة، لذلك لن يكون لإعلانها أثرٌ كبير”.

وقال وارن إن المشكلة الحقيقية في هذه التحركات تكمن في تراجع الثقة بالعملات التقليدية، وأردف بقوله:

“لا يمكن الوثوق بالعملات التقليدية لتخزين القيمة، ما يعود بالفائدة على العملات الرقمية رغم عدم قدرة قطاع الكريبتو بعد على استيعاب قوى السوق الأخرى، بدليل تسبّب مستجدات الأسواق المالية الأخرى بتقلباتٍ شديدة في أسعار الكريبتو، وأرجّحُ أن يكتسب القطاع على المدى الطويل القوة اللازمة للحدّ من هذه التأثيرات”.

احتمال قيام الفيدرالي بخفض معدلات الفائدة مجدداً في العام الحالي 2024

رجّح استطلاعٌ أجرته وكالة رويترز (Reuters) شمل 101 من الخبراء الاقتصاديين أن يقوم الاحتياطي الفيدرالي بخفض معدلات الفائدة ثلاث مرّاتٍ على الأقل خلال عام 2024، ورجّح الخبراء أن يتم خفض هذه المعدلات بمقدار 25 نقطة أساس في أيلول/سبتمبر وتشرين الثاني/نوفمبر وكانون الأول/ديسمبر لتصل إلى ما يتراوح بين 4.50% و4.75% بحلول نهاية العام الحالي.

وأشار جابا إلى أنه “من شبه المؤكد” أن يقوم الفيدرالي بخفض معدلات الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في كل اجتماع، إلا أنه لم يُرجّح خفض هذه المعدلات بمقدار نصف نقطةٍ مئوية، وهو ما أشارت إليه بيانات العقود الآجلة المرتبطة بمعدلات الفائدة.

وصرّح جابا لموقع Cryptonews قائلاً: “لن يتم خفض معدلات الفائدة بأكثر من 25 نقطة أساس إلا في حال ورود بيانات بَطالةٍ سيئةٍ جداً، وهو ما لا يُرجَّح حدوثه خلال الشهرين القادمين”.

وأشار المدير التنفيذي لشركة Blockware إلى أنّ خفض معدلات الفائدة عدة مرّاتٍ قد يعكس سعي الاحتياطي الفيدرالي للوصول إلى معدل الفائدة المحايد الذي قد يتراوح بين 2% و3%، وأردف بقوله:

“قد يتأثر قطاع الكريبتو وسوق الأسهم بشكلٍ إيجابيّ على المدى القصير في حال لم تستدعِ الضرورة خفض هذه المعدلات بشكلٍ أكبر بسبب تباطؤ الاقتصاد، وعندها قد يتسبّب خوف المستثمرين من الركود بانخفاض أسعار الأصول بشكلٍ مؤقت”.

في المقابل، رجّح فارما أن يقوم الفيدرالي بخفض معدلات الفائدة بمقدار يتراوح بين 50 و100 نقطة أساس خلال العام الحالي 2024، وأخبَرَ موقع Cryptonews أن “هذا الخفض الكبير المحتمل قد يتسبّب بارتفاع أسعار الكريبتو، وسيستعدّ السوق له قبل حدوثه”. وتابع بالقول: “مع ذلك، قد تحدث تقلباتٌ شديدةٌ على المدى القصير، لا سيّما لدى إعلان هذه التخفيضات”.

وأشار فارما إلى قرار الفيدرالي في 18 أيلول/سبتمبر بكونه “الأهم”، إلا أن الخفض التالي قد يَحدث بعد انتخابات الرئاسة الأمريكية بوقتٍ قصير، “ما قد يعزز ظروف عدم اليقين”.

كذلك رجّح فارما أن تؤثر نتائج هذه الانتخابات على المزاج العام للسوق بشكلٍ مباشر، وقال لموقع Cryptonews: “يشير المزاج العام الحالي إلى أن فوز ترامب قد يعود بالفائدة على قطاع الكريبتو، بينما قد يمثل فوز كامالا هاريس (Kamala Harris) أخباراً سيئةً للعملات الرقمية”. وأردف بقوله: “بالنظر لعدم تفوّق أيّ من المرشحين على الآخر حالياً، لا يمكن توقع تأثير نتائج الانتخابات على الأسواق بشكل دقيق”.

هل سيخدم خفض الفيدرالي لمعدلات الفائدة مصالح الديمقراطيين في الانتخابات؟

لدى الإعلان الأوليّ عن خطة الفيدرالي لخفض معدلات الفائدة الشهر الماضي، انتقد المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترامب هذا القرار ووصفه بالخطة التسويقية الهادفة لترجيح كفة الديموقراطيين في الانتخابات.

وفيما أكّد رئيس الفيدرالي باول على الدوافع الاقتصادية البحتة لهذا القرار وعدم تأثره بالحراك السياسي، أوضح أن هذا الخفض يهدف لعكس آثار رفعِها إلى 5.25% عام 2022 استجابةً للتضخم المرافق لما بعد الجائحة والحرب على أوكرانيا.

وقد تحدّث باول عن تحسّن الظروف، ما يستدعي خفض معدلات الفائدة لتحفيز النمو الاقتصادي. في سياقٍ مماثلٍ، قام بنك كندا بخفض معدلات الفائدة 3 مرّات منذ شهر حزيران/يونيو بإجمالي 75 نقطة أساس لتصل إلى 4.25%، كما قام المركزي الأوروبي بخفض معدلات الفائدة مؤخراً بمقدار 25 نقطة أساس -وهي المرّة الثانية منذ حزيران/يونيو – لتصل إلى 3.50%، ما يشير إلى أن أزمة السيولة عالميةٌ في بنيتها ولا تقتصر على الولايات المتحدة الأمريكية وحسب.

تابعونا عبر Google News من هنا