قد يكون استهلاك الطاقة في البيتكوين ثمناً يستحق الدفع
عمر البيتكوين اليوم عشر سنوات، أثبتت خلالها أنها ثورية لأنها تتجاهل الحاجة إلى مؤسسات المال الحديثة للتحقق من المدفوعات، وبدلاً من ذلك اعتمدت على تقنيات التشفير لإثبات الهوية والصدق.
ومع ذلك، فإن السعر الذي يجب دفعه مقابل كل هذا الابتكار هو وجود بصمة كربونية عالية، بسبب ما يسمى تنقيب أو تعدين البيتكوين.
ترتكز عملية التنقيب على شبكة نظير إلى نظير من أجهزة الكمبيوتر، يشار إليهم باسم المدققين، والتي تؤدي ما يسمى “إثبات العمل”. يعني هذا بشكل مبسط أن أجهزة الكمبيوتر هذه تحلّ الألغاز المشفرة الحسابية التي تثبت الكثير من المعاملات، والتي يتم تسجيلها في حسابات موزعة، وتعرف هذه السلسلة باسم البلوكتشين. هذه الحسابات الموزعة تراها جميع أجهزة الكمبيوتر، مما يساعد النظام على تحقيق التوافق في شبكة غير موثوق بها من المشاركين.
تدعى أجهزة التحقق من الصحة منقبين أو معدنين البيتكوين، لأن الكمبيوتر أو ما يسمى بالعقدة على الشبكة، التي تتحقق بنجاح من واحدة من تلك الكتل تتم مكافأتها بالبيتكوين المستخرجة. وبالتالي، فإن التعدين أو التنقيب هو أيضًا عملية تضيف بها عملات رقمية جديدة إلى الشبكة.
لكن هذه العمليات تستهلك كمية هائلة من الطاقة.
في مقالة عام 2016، بعنوان الاشتراكية والبلوكتشين، قُدّر استخدام الطاقة السنوي للتنقيب عن البيتكوين بمعدل 3.38 تيرا واط ساعة (TWh)، وهو ما يعادل إجمالي استهلاك جامايكا السنوي من الطاقة في عام 2014. وتشير التقديرات الحديثة إلى أن استهلاك التنقيب السنوي من الطاقة يرتفع بشكل كبير، ليصل حالياً إلى 55 تيرا واط ساعة. في الواقع، يشير بحث جديد في Nature Sustainability إلى أن تكاليف الطاقة بسبب تعدين العملات الرقمية تتجاوز تكاليف التنقيب عن المعادن المادية. علاوة على ذلك، تقدر الدراسة أن البيتكوين تسببت بانبعاث من 3 إلى 13 مليون طن متري من ثاني أكسيد الكربون في النصف الأول من عام 2018. حتى إن فريق بحثي في هاواي يفترض أنه إذا استمر تبني البيتكوين في الارتفاع خلال عقدين من الزمان، فإن مثل هذه الانبعاثات يمكن أن تدفع الانحباس الحراري إلى الارتفاع بمقدار درجتين مئويتين.
ومع ذلك، فإن كل من الدراسة في Nature وفريق البحث في هاواي يضعان افتراضات حول وسائل توليد الطاقة. في ضوء تقرير الأمم المتحدة “1.5 سيلسيوس” المزعج مؤخراً، سيكون من الحكمة أن تعمل الإنسانية على التوصية بتحول “غير مسبوق في أنظمة الطاقة”، والأمل هو أن يحدث هذا التحول نحو الطاقة المتجددة على نطاق واسع، وبالتالي تبطل الافتراضات الواردة في تلك الأوراق.
ومع ذلك، تظل المخاوف بشأن استهلاك الطاقة من البيتكوين، لذلك فإن إيثيريوم، وهي عملة رقمية أخرى، تحقق في خوارزمية إجماع أكثر كفاءة في استخدام الطاقة تعرف باسم “إثبات الحصة”. تختلف هذه الطريقة عن “إثبات العمل” نظرًا لأن المنقبين في هذه الشبكة يستخدمون حصتهم الاقتصادية لإثبات المعاملات، وبالتالي فهم لا يقومون بحسابات مكثفة تستخدم الطاقة.
في ذلك بعض المشكلات – أقلها، كيف نضمن أن الناس في هذه الشبكة يتصرفون بأمانة، لأنهم لن يخسروا شيئاً بتصرّفهم بطريقة غير أمينة؟ الحلّ المقترح من إيثيريوم هو تطبيق عقوبات من خلال تدابير مثل معاقبة المنقبين الذين ينتجون أكثر من كتلة في وقت واحد على نسختين من البلوكتشين، لأنه يجب أن تبقى بلوكتشين واحدة.
يتفوق إثبات عمل البيتكوين على هذه المشاكل ضمنيًا لأنه يتضمن عقوبات طبيعية نظرًا لأن المنقبين يستهلكون الطاقة لإثبات المعاملات.
في نظرية الألعاب الاقتصادية، يقال إنه يتم التوصل إلى توازن ناش (Nash Equilibrium) عندما يستقر نظام ما لأن لا أحد يكسب من خلال تغيير الاستراتيجية، ما يُنتج الحالة المستقرة. وبما أن مكافآت بيتكوين تُعطى إلى المنقبين فقط إذا ساعدت كتلها في تكوين كتلة بيتكوين صالحة، فإن النتيجة الأكثر ربحية، أو توازن، هي أن يقوم كل منقب بالتوافق مع الأغلبية.
ونتيجة لذلك، أثبتت خوارزمية إثبات عمل البيتكوين فعاليتها، على الرغم من استهلاكها المفرط للطاقة.
ثمن يستحق الدفع؟
في المختصر، بحثنا سابقاً فيما إذا كانت البيتكوين تدحض التسلسل الهرمي للرأسمالية، وإذا كانت البيتكوين تشجع على طريقة تنظيم لا تعتمد على الاستهلاك الرأسمالي، فهل يؤدي هذا بشكل غير مباشر إلى خفض استخدام المجتمع للطاقة ويساعد على تقليل تأثيره البيئي؟ بعد كل شيء، إذا نظرنا في تقرير WWF الذي كان مثيراً للقلق مؤخراً، الذي قال إن الرأسمالية سبب في الانحسار الهائل في أعداد الحيوانات البرية. نحن بحاجة إلى بدائل.
ربما إذا كانت البيتكوين بديلاً للرأسمالية بالفعل، يعني ذلك أن استخدام الطاقة هو ثمن يستحق الدفع. تحمل هذه الحجة بعض الثقل إذا أدت إلى انخفاض الاستهلاك في مناطق أخرى من المجتمع لأن تعدين البيتكوين ليس المحرك الرئيسي وراء تغير المناخ. ومع ذلك، وحتى في ذلك الحين، بالنظر إلى التدهور البيئي، إذا واصلنا إنتاج الطاقة بطريقة تخلق الكثير من غاز ثاني أكسيد الكربون، فإن هذه الحجة قد توفر عزاءً قليلًا.
قد توفر المخططات البديلة، مثل إثبات الحصة من إيثيريوم جزءًا من الحلّ. ومع ذلك، سواء كانت البيتكوين سبب في كارثة مناخية أم لا، على البشرية اتخاذ إجراءات عاجلة وإيجاد حلول تنتج طاقة نظيفة ومستدامة من أجل تجنبها، إذا فعلنا ذلك، فسوف تستفيد البشرية والبيتكوين.
_______
ستيفن هاكل، باحث دكتوراه في تقنيات البلوكتشين، جامعة ساسكس
تم إعادة نشر هذه المقالة من The Conversation تحت رخصة المشاع الإبداعي. لقراءة المقال الأصلي اضغط هنا.