انهيار بنكيّ آخر: إغلاق بنك سيغنتشر (Signature Bank) الصديق للعملات الرقمية بسبب مخاوف تتعلّق بمخاطرَ تنظيميّة، فما
انهيار مصرفٍ آخرَ صديقٍ للكريبتو وهو بنك سيغنتشر (Signature Bank) -الذي يتّخذ من مدينة نيويورك مقرّاً له- ومع ذلك يصرُّ خبراء المجال على أنّ سير قطاع الكريبتو لا يُمكن إيقافه.
ويُعدُّ انهيار بنك سيغنتشر في مطلع الأسبوع الخبرَ الأحدث في سلسلةٍ من الانهياراتِ المصرفيّة التي أدّت إلى موجاتٍ صادمةٍ عبرَ الأسواق الماليّة العالمية، حيث يخشى الكثيرون من حدوث أزمةٍ مصرفيّة كبرى. إضافةً إلى ذلك، عصفت تلك الأزمة بقطّاع الكريبتو بشكلٍ خاص، لا سيّما وأنّه يُنظر إلى بنك سيغنتشر على أنّه أحد البنوك الرئيسية التي تدعم الشركاتِ العاملة في قطّاع العملات الرقمية.
وعلى الرغم من تطمينات وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين بأنّه سيتم اتخاذ “إجراءاتٍ حاسمة” لتعزيز الثقةِ في النظام المصرفيّ، إلا أنّ أسهم البنوك الأمريكيّة الكبرى انخفضت بشكلٍ حادٍّ في تعاملات بورصة وول ستريت صباح يوم الإثنين.
وفي سياقٍ متّصلٍ، اشتدَّ انهيار أسعار الأسهم في جميع أنحاء القطّاع بعد خطاب الرئيس الأمريكيّ جو بايدن صباح الإثنين، حيث قال بعضُ أعضاء مجتمع العملاتِ الرقمية أنّ الخطاب لم يكن مفيداً أبداً في تهدِئةِ الأسواق.
سلسلةٌ من إخفاقاتِ البنوك
ظهرت مشاكلُ بنك سيغنتشر بعد فترٍة وجيزةٍ من انهيارٍ بَنكَي سيلفرغيت (Silvergate Capital) وسيليكون فالي (SVB) اللذين يركّزان على الشركات العاملة في مجال التقنية والكريبتو قبل عطلة نهاية الأسبوع.
ومن الجدير بالذكر أنّ بنك سيلفرغيت معروفٌ بأنّه أحدُ أكثر البنوك الصديقة للعملات الرقمية في الولايات المتحدة الأمريكية؛ وقد عمل البنك مع العديد من أبرز شركات الكريبتو ومنها شركة MicroStrategy المملوكة من قبل مايكل سايلور.
ومن المعلوم بأنّ بنك سيلفرغيت كان من بين المُقرضين الأكثرِ تضرّراً من انهيارِ منصّة FTX في تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي؛ وقد عانى من أزمة هلعٍ مصرفيٍّ (حيث هرع الزبائن لسحب أموالهم من البنك) عقب انهيار منصة FTX، واضطّرَ لبيع 5.2 مليار دولار من سندات الدين التي كان يحتفظ بها في ميزانيّته العموميّة بخسارةٍ كبيرة.
من ناحيةٍ أخرى، يُعرف بنك سيليكون فالي بأنّه شريكٌ مصرفيٌّ مهمٌّ للشركاتِ الناشئة وشركات رأس المال الاستثماريّ في ولاية كاليفورنيا، وقد اعتمدت عليه شركة سيركل (Circle) المصدّرة لعملة USDC المستقرّة، حيث يشكّل انهيار البنك الآن ثاني أكبرِ إفلاسٍ للبنوك في تاريخ الولايات المتحدة.
الحكومة تَعِدُ باسترجاع المُودعين أموالهم بشكلٍ كامل
جاء إغلاق بنك سيغنتشر نتيجةً لإجراءاتٍ حكوميّة، حيث قامت الجهات التنظيمية يوم الأحد بإغلاق البنك بالقوّة؛ وكجزء من الإجراء الذي اتخذوه سيتمُّ استردادُ جميع ممتلكات المودعين على غرارِ ما صرّحت الحكومة بأنها ستقوم به بخصوص المودعين في بنك سيليكون فالي. بالإضافة إلى ذلك، ادّعى المسؤولون عن القوانين التنظيمية الأمريكيّة في بيانٍ مشترك لهم بأنّ دافعي الضرائب لن يتحمّلوا أيّة خسائر، وأضافوا:
“لن تتمّ حماية المساهمين في البنوك وبعض أصحاب الديون غير المضمونة، وسيقومُ صندوق ضمان الودائع بدعم المُودعين غير المؤمّن عليهم من خلال تقييم خاصٍّ للبنوك وفقاً لما يقتضيه القانون، كما تمّ عزلُ الإدارة العليا للبنك”.
شركات الكريبتو الأمريكية
يُعدُّ انهيارُ كلٍّ من بنكي سيغنتشر وسيلفرغيت ضربةً كبيرةً لقطّاع الكريبتو في الولايات المتحدة الأمريكيّة على وجه الخصوص، لا سيّما وأنّ العديد من الشركات العاملة في هذا القطاع قد اعتمدت عليهما للقيام بوظائفَ مهمّة.
ومن بين أولئك الذين شاركوا رأيهم في الوضع الراهن، ألمح المستثمرُ المُهتمُّ بعملة بيتكوين نيك كارتر (Nic Carter) في سلسلةِ تغريداتٍ له خلال عطلة نهاية الأسبوع إلى استهداف الحكومة بشكلٍ متعمّدٍ لقطّاع الكريبتو مع إغلاق البنوك، وأضاف بأنّ اغلاق البنوك يعدُّ بمثابة “فصل رأس” قطّاع العملات الرقمية عن البنوك، وأنّه قد “تمّ إغلاق كلِّ بنكٍ مؤيّدٍ للعملات الرقمية”.
وصعّد كارتر من حدّة تصريحاته في تغريداتٍ لاحقةٍ، قائلاً بأنّه قد سمع من مصادرَ متعدّدةٍ أنّ إغلاق بنك سيغنتشر جاء بسبب رغبة الجهاتِ التنظيميّة في “القضاء على آخرِ بنكٍ رئيسيٍّ مُؤيّدٍ للعملات الرقمية”.
وظلّ آخرون من أمثال الرئيس التنفيذيّ لشركة Messari ريان سيلكيس (Ryan Selkis) متفائلين بشأن مستقبلِ قطّاع الكريبتو، قائلين بأنّه سيكون “من الصعب، إن لم يكن من المستحيل” القضاءُ على قطاع العملات الرقمية، والذي وصفه سيليكس بأنّه “فكرةٌ حان وقتها”.
عملة بيتكوين تشهدُ مكاسبَ قويّة
على الرّغم من الاتجاه الهابط للشركاتِ العاملة في قطّاع الكريبتو، إلا أنّ سعرَ عملة بيتكوين في التداولات الفوريّة استمرّ في الارتفاع بشكلٍ حادٍّ يوم الإثنين، ويُعزى ذلك لتوجّه المودعين نحو البحث عن بديلٍ استثماريٍّ أكثرَ أماناً من البنوكِ الفاشلة.
عطفاً على ذلك، نشرَ الخبير الاقتصاديّ الشهير والمُستثمر في العملات الرقمية أليكس كروجر تغريدةً على منصّة تويتر يوم الإثنين قائلاً: “من وجهة نظري، أرى بأنّ الحركة الحاليّة لسعر عملة بيتكوين استثنائيّة”، وأشار إلى أنّ الارتفاع يبدو “مدفوعاً إلى حدٍّ كبيرٍ بحركة التداول الفوريّ”.
يجدرُ بالذّكر أنّه -حتى وقتِ كتابة التقرير في تمام الساعة 17:45 بالتوقيتِ العالميّ المنسّق- ارتفعَ سعرُ عملة بيتكوين (Bitcoin-BTC) بنسبةٍ هائلةٍ بلغت 16% خلال الـ 24 ساعة الماضية لتصل إلى 24,190$، وحذت عملة إيثيريوم (Ethereum-ETH) حذوها لتحقّق مكاسبَ بنسبة 10% خلال ذات الفترة ويصل سعرها إلى 1,679$.
