سوق عقود بيتكوين الاختياريّة يبلغ منحاه الأكثر هبوطاً منذ عام 2022 مع مواجهة المستثمرين لجدارِ جديدٍ من المخا?
تحوّلت أسواق عقود الخيارات لعملة بيتكوين (Bitcoin-BTC) لتشيرَ بأنّ معنوياتِ المستثمرين قد بلغت مستوى جديداً من الانخفاضِ لهذا العام، وذلك بالتزامن مع مُواجهتهم لجدار المخاوفِ الآخذِ بالارتفاع، والذي يشملُ احتمالَ شنِّ حملةٍ تنظيميّةٍ داخل الولايات المتحدة الأمريكية إضافةً لاحتمالِ أخذِ توقّعاتِ السياسةِ النقديَّةِ لمجلس الاحتياطيِّ الفيدراليّ الأمريكيّ منعطفاً أكثرَ تشدُّداً، وذلك تِبعاً لبياناتٍ مُقدَّمةٍ من شركة The Blockلتحليلِ بياناتِ الكريبتو. وأظهرت تلك البيانات أنَّ “مؤشّر Delta skew لقياسِ مستوى الانحراف بنسبةِ 25%” -والمتابَعِ على نطاقٍ واسعٍ- لأسواقِ عقودِ خياراتِ عملة BTC التي تنتهي صلاحيّتُها بعدَ سبعةِ أيام قد وصل إلى أدنى مستوًى له خلال العام الجاري يومَ الجمعةِ 10 شباط/فبراير الحاليّ.
وقد سجّل “مؤشّر Delta skew لقياسِ مستوى الانحرافِ بنسبةِ 25%” لمدَّةِ سبعةِ أيّامٍ علامة -5.2 يومَ الجمعةِ الماضي، وهو أدنى مستوًى له منذ يوم 28 كانون الأول/ديسمبر لعام 2022. كما سجّل “مؤشر انحرافِ Delta skew بنسبةِ 25%” والمقاسِ في أمديةٍ زمنيَّة قدرُها 30 و60 و90 و180 يوماً قراءاتٍ جميعُها عند أدنى مستوياتِها في شهرٍ واحدٍ على الأقلّ أو قريبةً منها، مع الانتباهِ لذاتِ المؤشّر المُقاسِ في مدًى زمنيٍّ قدرُهُ 180 يوماً والذي تراجعَ دون علامة الصفرِ خلال الأيّام الأخيرة، في إشارةٍ لاتّخاذِ الاستثمارِ منحًى هابطاً يشيرُ إلى مزيدٍ من الانخفاضِ في سعرِ بيتكوين على المدى القصير.
ويعدُّ “مؤشّر Delta skew لقياسِ مستوى الانحراف بنسبةِ 25%” لعقودِ خياراتِ بيتكوين مؤشّراً تتمُّ مراقبَتُهُ على نطاقٍ واسعٍ لمعرفة الدرجة التي تميلُ إليها مكاتبُ تداولِ سوق الخيارات من حيث تقاضِيها رسوماً أعلى أو أقلَّ من أجلِ التحوُّطِ ضدَّ تقلّب الأسعارِ بالاتجاهِ الصاعدِ أو الهابطِ عبرَ العقود الاختياريّة للبيع والشراءِ التي يوفّرُها لِلمُستثمِرين؛ حيث تمنحُ خياراتُ البيعِ المُستثمِرين الحقَّ غيرَ المُلزِمِ ببيعِ أصلٍ ما بسعرٍ مُحدَّدٍ سلفاً، بينما تمنح خياراتُ الشراءِ المُستثمِرين الحقَّ غيرَ المُلزِمِ بشراءِ أصلٍ ما بسعرٍ مُحدَّدٍ مسبقاً.
يشيرُ “مؤشّر Delta skew لقياسِ مستوى الانحرافِ بنسبةِ 25%” أعلى من مُستوى الصِّفرِ إلى أنَّ مكاتبَ تداولِ عقودِ الخياراتِ تتقاضى رسوماً أعلى على خياراتِ الشراء مقارنةً بالبيع، وهو ما يعني تزايُدَ الطلب على خياراتِ الشراء مقابل نظيرتِها للبيع، ويُمكنُ تفسيرُها على أنّها إشارةٌ لاتّجاهٍ صاعدٍ حيث يكون المستثمرون أكثرَ ميلاً إلى التحوّط من ارتفاع الأسعارِ (أو الرّهانِ على ارتفاعِها) .
جدار القلق آخذ بالارتفاع
يأتي تدهورُ معنويّاتِ سوق السنداتِ بالتزامنِ مع تراجعِ سعرِ بيتكوين بنسبةٍ تتجاوزُ 7% على مدارِ الأيّام السبعةِ الماضية، حيث اتّجهَ المستثمرون لجني الأرباح عقب ارتفاعاتِ عام 2023 لسببين أوّلهُما تزايدُ المخاوفِ بشأنِ حملةٍ تنظيميّةٍ في الولايات المتحدة، وثانيهما اتّجاهُ الاحتياطيّ الفيدراليّ لتبني سياساتٍ أكثرَ تشدّداً عمّا كان يُعتقد في السابق. وفيما يتعلّقُ بالسبب الأوّل؛ فإنَّ التحرّكاتِ الأخيرة التي اتّخذتها لجنة الأوراق المالية الأمريكية SEC)) تجاه مُزوِّدي خدمة رهن العملات الرقمية مقابلَ الحصولِ على عائدٍ(crypto-staking) داخل الولايات المتحدة الأمريكيّة تثيرُ مخاوف متزايدةٍ بأنه سيتم إلزام منصّاتُ تداول العملات الرقمية الكبرى باتباع إجراءات إضافيّة تتعلّقُ بسياساتٍ تنظيميّةٍ يجب عليها اتباعها خلالَ العام الجاري.
وفي ذاتِ الوقت، أدّى سيلُ البياناتِ الأمريكيّة الأخيرة التي جاءت أقوى بكثيرٍ من المتوقّع لها (مثل تقرير الوظائف الأسبوع الماضي بجانب أرقام المؤشّرِ الصناعيّ لمعهد إدارة المواردِ الأمريكيّISM Manufacturing Index( إلى اتّجاه الأسواق -بشكلٍ عام- لتوقّع منحًى أكثرَ تشدّداً من جانب الاحتياطي الفيدراليّ للعام الجاري، وهو ما يعصفُ بالآمالِ المتزايدة التي كانت تشيرُ لاقتراب معركةِ الاحتياطيّ الفيدراليّ مع التضخّم من “الحسم”. ويشارُ إلى أنَّ أرقام معدّل تضخُّمِ مؤشّر أسعار المستهلك الأمريكي الأسبوع المقبل ستكون أحدَ أهمِّ العوامل الرئيسية في تشكيل نهج الاحتياطيِّ الفيدرالي الأمريكي تجاه سياسات التشديدِ الماليّ المتبعة مسبقاً مع احتمالِ أن تؤدّي أيُّ مفاجآتٍ باتجاه المزيد من تلك السياسات إلى تفاقمِ مشاكل العملةِ الأبرز في ساحة الكريبتو، عملةِ بيتكوين.
المستثمرون ما زالوا مُحتفظِين بنظرتِهم الإيجابيَّةِ بشأن توقّعاتِ بيتكوين على المدى الطويل
إجمالاً -وكما ذكرنا سابقاً- فإنّ “مؤشّر Delta skew لقياسِ مستوى الانحراف بنسبةِ 25%” المُقاس في مدى زمنيٍّ قدرُهُ 180 يوماً ما يزالُ أعلى من مستوى الصِّفرِ (الحيادي)، وهو ما يشيرُ إلى أنَّ النظرة العامة طويلة الأجلِ لسوق بيتكوين (Bitcoin-BTC) ما تزالُ إيجابيَّةً إلى حدٍّ ما؛ وبالنظرِ إلى القائمة المتزايدةِ من مؤشّرات البلوكتشين إلى جانب المؤشّرات الفنية التي تشيرُ جميعُها -بصوتٍ عالٍ- إلى أنّ سوق عام 2022 الهابطة قد آلت إلى زوالٍ على الأرجح، إضافةً إلى حقيقةِ أنَّهُ حتى إن قامَ الاحتياطيُّ الفيدراليُّ برفع معدّلات الفائدة بقيمٍ إضافيّةٍ، فإن فرضيَّة قرب الانتهاء من سياسة التشديدِ الماليّ ما تزال قائمة. وعليه فإنّنا نخلص هنا إلى أنّ توقّعَ وجود تحيّزٍ بالاتجاه الإيجابيِّ لهذا العام لا يزالُ يبدو منطقِيّاً.
لكنّ هذا لا يعني مُطلقاً اتّخاذَ كافّةِ شهورِ العام ذاتَ المنحى الإيجابيّ الذي أخذه شهرُ كانون الثاني/يناير الماضي؛ ففي سوق الكريبتو نادراً ما تسيرُ الأمور في خطّ مستقيمٍ صاعد.
