أسواق عقود خيارات بيتكوين (Bitcoin) تكشف أنّ المستثمرين ما زالوا متفائلين على الرّغم من الإخفاقات المتكرّرة لسع?

جويل فرانك
| 0 min read
صورة لعملة بيتكوين – المصدر: Adobe

على الرّغم من الإخفاقاتِ المتكرّرة لسعرِ عملة بيتكوين (Bitcoin-BTC) في اختبار مستوى 30,000$ على مدار الأسابيع الثلاثة الماضية، ما يزال المستثمرون متفائلين في نظرتهم لأداء رائدة القطاع وفقاً لبيانات سوق عقود الخياراتِ التي وفّرتها شركة “The Block” المتخصّصة بتحليلات أسواق الكريبتو.

وكانت تداولات عملة بيتكوين (Bitcoin-BTC) خلال الأسابيع الثلاثة الماضية قد مرّت بتقلبات سعريّةٍ بسيطةٍ ضمن نطاقٍ يُراوحُ في حدود 1,500$ قريباً من مستوى 28,000$، وذلك بعد أن هدأت وتيرة الثيران (المُضاربين على ارتفاع السعر) في أعقاب ارتفاعٍ مذهلٍ شهده سعر العملة الأبرز في ساحة الكريبتو منذ بداية العام الحالي؛ وقد ارتفع سعر عملة بيتكوين (Bitcoin-BTC) بحدود 70% منذ مطلع العام حتى يومنا هذا.

وتشير بيانات أسواق عقود الخيارات (options markets) إلى أنّ المستثمرين يعوّلون على استمرار هذا المنحى الصاعد للأسعار.

وتجدرُ الإشارة هنا إلى أنّ مؤشّر انحراف دلتا البالغة نسبته 25% لعقود خيارات بيتكوين (25% delta skew of Bitcoin options) -والذي تتمّ متابعته عن كثب على نطاقٍ واسعٍ- التي تنتهي صلاحيتها خلال 7 و30 و60 و90 و180 يوماً قد بقيت جميعها تتراوح في نطاق قيمةٍ من 2 إلى 5 اعتباراً من يوم الثلاثاء الماضي دون أن تشهدَ أيَّ تغيّرٍ لافتٍ خلال الأسابيع الثلاثة الماضية كما هو الحال أيضاً في سعر قائدة رَكب العملات الرقمية – عملة بيتكوين (Bitcoin-BTC).

مؤشر انحراف دلتا البالغة نسبته 25% لعقود خيارات عملة بيتكوين (BTC)

جديرٌ بالذّكر أنّ مؤشّر انحراف دلتا البالغة نسبته 25% لعقود خيارات بيتكوين هو أحد المؤشرات ذائعة الصيت، والتي تتمّ مراقبتها عن كثب على نطاقٍ واسعٍ لمعرفة الدرجة التي تقوم فيها مكاتب التداول الوسيطة برفع أو خفض الرّسوم التي تقوم بفرضها من أجل التحوّط من التقلبات السعرية الواردة في السوق صعوداً أو هبوطاُ عبرَ عقود خيارات البيع والشراء التي يوفّرونها للمستثمرين؛ حيث تُعطي خيارات البيع (put option) المستثمرين الحقَّ -دون إلزامهم- ببيع أحد الأصول وفق سعرٍ محدّدٍ مسبقاً عند انتهاء مدة العقد، بينما تمنح خيارات الشراء (call option) المستثمرين إمكانيّة شراء أحد الأصول وفق سعرٍ محدّدٍ مُسبقاً دون إلزامهم بها هي الأخرى عند انتهاء مدّة العقد كذلك.

ويشيرُ مستوى مؤشر انحراف دلتا البالغة نسبته 25% لعقود خيارات بيتكوين الذي تزيد قيمته عن مستوى الصِّفر (الحياديّ) إلى أنّ المكاتب الوسيطة تتقاضى رسوماً مقابلَ إتاحتها لخياراتِ الشراء أعلى ممّا تتقاضاه مقابل تلك المتعلقة بالبيع، ما يعني وجود طلب على عقود الشراء أكبرَ من الطلب الحاصل على نظيرتها بالبيع؛ وهو ما يمكن تفسيره على أنّه إشارةٌ على ترقّب حركةٍ صاعدةٍ في السوق، حيث يحرُصُ المستثمرون أكثرَ على تأمين الحماية من ارتفاع الأسعار (أو الرَّهان ضمنياً على الارتفاع).

كما يُشارُ إلى أنّ الحدث الأهمَّ بالنسبة للمضاربين على ارتفاع قيمة عملة بيتكوين (Bitcoin) على المدى الطويل يتمثّل في بقاء مؤشر الانحراف -سابق الذّكر- في مدّةٍ زمنيّةٍ قدرها 180 يوماً (والبالغ في آخر تحديث له 5.4) قريباً من أعلى مستوًى له منذ أواخر عام 2021، ما يعكس استمرار السوق -بشكلٍ عامٍ- في نظرته التي تميلُ إلى جانب التفاؤل -والتي تتزايد يوماً بعد آخرَ- حول الآفاق والفرص المستقبليّة لأشهر العملات الرقمية قاطبةً -عملة بيتكوين (BTC)- على المدى الطويل.

مؤشّر انحراف دلتا البالغة نسبته 25% لعقود خيارات عملة بيتكوين (BTC)

إلى أين يتجّه سعر عملة بيتكوين في المرحلة القادمة؟

من المحتمل أن تكشف المؤشّرات الفنية إلى جانب أبرز المخاطر المرتقبة والمتعلقة بعوامل الاقتصاد الكليّ عمّا إذا كان المستوى التالي لسعر بيتكوين يُمكنه الانطلاق للأعلى متخطياً حاجز 30,000$ أم أنّه سوف يتراجعُ إلى مستوى الدعم البالغ 25,500$.

فخلال الأسابيع القليلة الماضية، اقتصرت حركة سعر عملة بيتكوين (BTC) على التداول في نطاقٍ عَرضِيٍّ تسبَّب في تراجع تقلباتها السعريّة وتشكيلها لنموذج الراية الفنيّ على المخطط البيانيّ لأسعار أقدم العملات الرقمية في ساحة الكريبتو.

مخطط بيانيّ لسعر عملة بيتكوين (BTC).

يُذكرُ أنّ هذا النموذج السعريّ -سالف الذكر- يتشكّل في الغالب قبيل حصول اختراقٍ واسع النطاق يُمكن أن يحدث في أيٍّ من الاتجاهين؛ صعوداً أو هبوطاً.

ومن جانب آخر، فإنّه من المحتمل أن يؤدّي اختراقٌ حاسمٌ في الاتجاه الصاعد إلى اختبارٍ وشيكٍ لمستوى 30.000$. بينما على الجانب الآخر، فإنّ اختراقاً واضحاً في الاتجاه الهابط يمكنه أن يفتح الباب -على مصراعيه- أمام إمكانيّة إعادة اختبار مستوى الدعم عند منطقة 25,500$.

وعلى الرّغم من أنّ مستوى دعم عملة بيتكوين يقعُ أعلى مؤشّر متوسط الحركة (MA) المُقاس في مدى 21 يوماً خلال هذا الأسبوع، إلا أنّ سعرَها يشهدُ حركةً في الاتجاه الهابط على مؤشر القوة النسبية (RSI) المُقاس في مدى 14 يوماً، ما يضيف مزيداً من التعقيد على النظرة المختلطة للتحليل الفنيّ على المدى القريب ويضيف المزيد إلى ضبابيّة المشهد.

يأتي هذا في الوقت الذي ساهمت فيه البيانات الصادرة من الولايات المتحدة هذا الأسبوع بشكلٍ كبيرٍ في تبلور فكرة أنّ الآثار المتأخّرة للتشديد الماليّ الكبير الذي قام به الاحتياطيّ الفيدراليّ على مدى الأشهر الـ 12 الماضية قد بدأت بالظهور مؤخّراً؛ وأنّ حدوث ركودٍ اقتصاديٍّ شاملٍ في وقتٍ لاحقٍ من هذا العام داخل الولايات المتحدة بات غير مستبعدٍ على الإطلاق. ويدعم كلُّ ما سبق ذكرُهُ الرواية القائلة بأنّ الاحتياطيّ الفيدراليّ سوف يتّجه إلى تغيير منحى سياساته قريباً بالتوقّف عن رفع معدّلات الفائدة عاجلاً، والبدء بالسير في الاتجاه المعاكس عن طريق خفضها.

لكنّ بيانات التوظيف الأمريكية التي ستصدر اليوم الجمعة قد تؤدّي إلى تغييرِ هذه الرواية؛ وفي حال تبيّن أنّ هذه البيانات المرتقب صدورها قد جاءت أفضلَ ممّا كان متوقّعاً، فقد يؤدي ذلك إلى تراجع قيمة عملة بيتكوين، والعكسُ صحيح.

 من المرجّح أن يكثّف ثيران بيتكوين عمليات الشراء لدى حدوث أيّ انخفاضاتٍ قصيرة الأجل

وسط مزيجٍ من المؤشرات الإيجابية الخاصة بالتحليل الفنيّ لسعر عملة بيتكوين على المدى الطويل والتطوّرات على شبكة البلوكتشين، إضافةً إلى العوامل الأساسيّة المؤثرة في مناحي الاقتصاد الكليّ، يُرجّح أن يقوم الثيران (المضاربون على ارتفاع الأسعار) بتكثيف عمليّاتهم الشرائية لعملة بيتكوين بقوّة لدى حدوث أيِّ انخفاضاتٍ حادّةٍ قصيرة الأجل في سعرها.

فقد شكّلت هذه المؤشرات الفنية الإيجابيّة على المدى الطويل -إلى جانب عوامل أخرى- إشاراتٍ فنيّةً تدل على الاتجاه الصاعد لعملة بيتكوين طويل الأمد، ونذكرُ من هذه العوامل الارتداد القويّ لسعر عملة بيتكوين الذي حصل للأعلى مؤخراً صعوداً من المستويات التي يقف عندها مؤشر متوسط الحركة المُقاس في مدى زمنيٍّ قدره 200 يومٍ، وكذلك [القيمة المحققة] عند مستوى سعريٍّ أقلَّ من 20,000$، إضافةً إلى “التقاطع الذهبيّ” (وهو حدثٌ يتقاطع فيه مؤشّر متوسط الحركة في مدى زمنيٍّ قدره 50 يوماً مع نظيره في مدى 200 يومٍ بالاتّجاه الصاعد ويستقرّ أعلاه)، وهو الحدث الذي وقعَ في أوائل شهر شباط/فبراير الماضي.

مخطط بيانيٌّ لأسعار عملة بيتكوين (BTC).

في ذات الصدد، توجد إشاراتٌ أخرى واضحةٌ على تشكّل سوقٍ صاعدةٍ جديدة؛ مثل المقاييس المختلفة الخاصة بالأنشطة على شبكة المعاملات الخاصة بالبلوكتشين، بالإضافة إلى العديد من المؤشرات على البلوكتشين طويلة المدى؛ مثل تلك المؤشرات الموجودة في لوحة التحكّم الخاصّة بمنصّة غلاسنود (Glassnode) المعروفة بـ “التعافي من سوق بيتكوين الهابطة”، والتي تبعث كلّها بإشاراتٍ واضحةٍ لا تُخطئها عينُ خبيرٍ على بزوغ فجر سوقٍ صاعدةٍ جديدةٍ.

وفي هذه الأثناء، يبدو أنّ عملة بيتكوين ستواصل الاستفادة من عواملَ أخرى تتعلق بالاقتصاد الكليّ، والتي يمكن لها أن توفّر الزَّخَم اللازم لمواصلة مسيرة الارتفاعات خلال هذا العام؛ فمع ضعف نموّ الاقتصاد في الولايات المتحدة واستمرار ظهور المشاكل في القطاع المصرفيّ؛ سيضطّر الاحتياطيّ الفيدراليّ إلى خوض دورةٍ جديدةٍ من خفض معدلات الفائدة، ما يعني ضرورة إجراء تسهيلاتٍ ماليّةٍ وتحسين الظروف الكليّة للاقتصاد بتوفير المزيد من السيولة، الأمرُ الذي يُعتبر بيئةً مثاليّةً للعملات الرقمية.

وبطبيعة الحال، فإنّ الافتراضات المذكورة أعلاه حول الكيفيّة التي ستسير بها الأمور على صعيد الاقتصاد الكليّ ما زالت مجرّد فرضياتٍ ولا يمكن الجزم بحدوثها، فربّما تبقى معدلات التضخم مرتفعةً للغاية بحيث يتعذّر على الاحتياطيّ الفيدرالي البدء بخفض معدلات الفائدة خلال العام الجاري.

كما تجدر الإشارة هنا إلى أنّ تلك الإجراءات يمكنها أن تحدَّ من وتيرة ارتفاع معدل التضخّم من جانب، إلا أنّها -وعلى الجانب الآخر- قد تتسبّب في حدوث ركودٍ اقتصاديٍّ شاملٍ داخل الولايات المتحدة، وقد تتسبّب أيضاً بإعادة إشعال أزمة البنوك التي يمكن أن تكون بدورها عاملاً آخرَ يدعم الزيادة المطّردة في قيمة عملة بيتكوين، ما يجعلها ملاذاً آمناً للمستثمرين.

وإجمالاً، يمكننا القول أنّ النتيجة الأسوأ التي يمكن أن تتلقاها العملات الرقمية من جانب عوامل الاقتصاد الكليّ ستكون في حال حدوثِ مفاجأةٍ بارتفاع معدّلات نموّ الاقتصاد الأمريكيّ (أي السير بالاتجاه المقابل لحدوثِ ركودٍ اقتصاديّ)، مع استمرار التضخم في نهج ارتفاع معدّلاته وخروجها عن السيطرة، ما سيجبرُ الاحتياطيّ الفيدراليّ حينها على الاتجاه إلى رفع معدل الفائدة الإجماليّ إلى مستوى 5.0% بدلاً من توقعات السوق الحالية بتخفيضها إلى 4.0% في نهاية هذا العام.

لكنّ البيانات الاقتصاديّة الأخيرة تستبعد حدوث مثل هذا السيناريو، ما يعني أنّ الاقتصاد الكليّ سيبقى مُحافظاً -على الأرجح- على الظروف المواتية لازدهار العملات الرقمية على المدى المتوسّط إلى الطويل.

كما تشير التحليلات الخاصة بدورات السوق طويلة الأجل لعملة بيتكوين (Bitcoin-BTC) -بدورها أيضاً- إلى تشكّل دورةٍ جديدةٍ من السوق الصاعدة للعملة الرائدة في عالم الكريبتو.

مخطط بيانيّ لسعر عملة بيتكوين (BTC).

وتبعاً لنموذج المعروض إلى التدفق (Stock-to-Flow)، فإنّ دورة سوق عملة BTC تبلغ تقريباً 4 سنواتٍ، وهو ما يتّضح من مستوى السعر المقدّر بناءً على عدد عملات بيتكوين المتاحة للتداول في السوق بالنسبة إلى العدد الذي يتمّ تعدينه منها كلَّ عام.

ومن الجدير بالذكر أنّ السعر العادل لعملة بيتكوين يبلغ حالياً قرابة 55,000$، والذي يُمكن أن يرتفعَ إلى ما يزيد على 500,000$ في دورة السوق الصاعدة التالية بعد حدث التنصيفِ المرتقب مطلع العام المُقبل، أي ما يوازي حوالي 18 ضعفاً من المستويات السعريّة الحالية.

نموذج المعروض إلى التدفق (Stock-to-Flow) الخاص بعملة بيتكوين (BTC).

وفي النهاية، يوضّح مخطط قوس قزح البيانيّ لعملة BTC (Bitcoin Rainbow Chart) الشهيرُ على موقع Blockchaincenter.net أنّه -وعند المستويات الحالية- فإنّ عملة بيتكوين ما تزال في “مناطقَ شرائيّةٍ!”، بعد أن تعافت قيمتها مؤخّراً من منطقة “عروض تصفياتٍ بيعيّةٍ هائلةٍ بالأساس” أواخر عام 2022. وبعبارةٍ أخرى، فإنّ النموذج -المشار إليه في المخطط- يلقي الضوء على كون العملة المتربّعة على عرش سوق الكريبتو -عملة بيتكوين (Bitcoin-BTC)- تتعافى تدريجياً من ذروةٍ بيعيّةٍ حادّة؛ فخلال آخر الموجات الصاعدة السابقة تمكّنت العملة الأشهر في ساحة الكريبتو من الوصول إلى “ذروة المناطق البيعيّة”، والتي كانت “ذروةً بيعيّةً حادّةً وعنيفةً حقًاً”.