صندوق النقد الدولي: العملات الرقمية للبنوك المركزية تواجه “معضلة البيضة والدجاجة” فيما يتعلق بمسار التبني

تنزيل أختار
| 3 min read

سلّط صندوق النقد الدولي (IMF) الضوء على معضلة تبني العملات الرقمية للبنوك المركزية (CBDCs)؛ فالشركات التجارية متردّدةٌ في اعتمادها دون انتشارها بين المستهلكين، والمستهلكون بدورهم متردّدون في استخدامها طالما أنّ هذه الشركات لا تقبل بها كوسيلة دفع.

رأس ديك بلون أسود أرجواني وفي الخلفية دارات إلكترونية

ويرى صندوق النقد الدولي (IMF) أن العملات الرقمية للبنوك المركزية (CBDCs) عالقةٌ في جدل “البيضة والدجاجة” الأزليّ، حيث يعتمد تبنّي المستهلكين على قبولها لدى الشركات التجارية والعكس صحيح؛ فالجدل المعروف باسم “أيّهما أولاً؟ البيضة أم الدجاجة” يُستخدم لوصف حالةٍ من التداخل بين عاملين مترابطين يصعب تحديد أيُّهما يسبقُ الآخر.

في هذا السياق، يوضح صندوق النقد الدولي أن الشركات التجارية قد تتردد في اعتماد العملات الرقمية للبنوك المركزية إذا لم يكن المستهلكون يستخدمونها بالفعل، بينما قد يتجنّب المستهلكون التعامل بمثل هذه العملات إذا لم تكن مقبولةً لدى الشركات كوسيلة دفع؛ فالعملة الرقمية للبنك المركزي (CBDC) تمثل تجسيداً رقمياً لعملة الدولة الرسمية، ويُصدرها البنك المركزي ويشرف على تنظيمها. وبخلاف العملات الرقمية التي تتسم بطابع اللامركزية، فإن هذه العملات تبقى مدعومةً بالكامل من قبل السلطة النقدية المركزية.

كذلك تهدف هذه العملات إلى توفير ذات خصائص العملات النقدية التقليدية ولكن بصيغةٍ رقمية، لتوفر بديلاً آمناً ومنظّماً للعملات الرقمية المُصدَرة من قبل جهاتٍ غير رسميةٍ وأنظمة الدفع القائمة، وسط سعي البنوك المركزية حول العالم لاستكشاف إمكانات العملات الرقمية للبنوك المركزية بغرض تحديثِ أنظمة الدفع وتعزيز وصول الجميع إلى الخدمات المالية والحدّ من استخدام التعاملات النقدية المباشرة.

المستهلكون يتردّدون في الانخراط بهذه العملية، ولديهم شكوك حول قبولها بشكل واسع

يواجه قطاع عمليات الدفع الخاصّة بعامة المستهلكين تحدياتٍ تتعلق بالتنسيق؛ فقد لا تنجح بعض المنتجات الجديدة بسبب تردد من يهمهم نجاحها في اعتمادِها خوفاً من عدم تبني الآخرين لنهج مشابه.

وتسري هذه العلاقة المتبادلة على العملات الرقمية للبنوك المركزية، فقد يتباطأ المستهلكون والشركات التجارية في تبنيها إذا لم يكونوا متأكدين من انتشار استخدامها على نطاقٍ واسع، ما قد يؤدي إلى خلق حلقةٍ مفرغةٍ من التردد يتعيّن على البنوك المركزية معالجتها لزيادة تبني الـ CBDCs.

من جانب آخر، أكد صندوق النقد الدولي على أهمية الدور الذي يمكن للبنوك المركزية -بصفتها الجهة المسؤولة عن إطلاق مبادرة العملات الرقمية للبنوك المركزية- أن تلعبه في توحيد التوقعات وتنسيق الآراء بين الأطراف المعنية.

وبالتالي، تقوم العديد من البنوك المركزية باستكشاف نموذجٍ ثنائيّ الطبقات لتوزيع العملات الرقمية للبنوك المركزية، حيث يتم الاعتماد على وسطاء -كالبنوك التجارية وموفري خدمات الدفع- لتسهيل انتشارها وتعزيز تبنيها من قبل المستخدمين، ويرى صندوق النقد الدولي أن هذه الآلية تُسهم في الاستفادة من البنى التحتية المالية القائمة مع ضمان استمرار إشراف البنوك المركزية عليها.

شرح مبسط لنظام CBDCs التقني والعلاقات المتبادلة بين مختلف الأطراف الفاعلة

كذلك يرى الصندوق أن مشاركة من يهمهم الأمر ستلعب دوراً حاسماً في تبني CBDCs، ويوصي البنوك المركزية بتبني منهجيةٍ موسّعةٍ وشاملةٍ لفهم احتياجات ومخاوف الشركات ووسطاء الدفع والمستهلكين، بما يشمل مواجهة تحديات السوق وضمان “توافق المنتج مع متطلباته” فيما يخص الـ CBDCs.

في سياقٍ متصلٍ، أجرى صندوق النقد الدولي في حزيران/يونيو استطلاعاً شمل 19 دولة في منطقتي الشرق الأوسط وآسيا الوسطى لدراسة تبني العملات الرقمية للبنوك المركزية وما يمكنها توفيره، وخلصت نتائج الاستطلاع إلى أن هذه العملات قد تساهم في تعزيز الشمول المالي وتحسين كفاءة التحويلات المالية الدولية.

ومن بين 19 دولةً شملها الاستطلاع، تقوم العديد منها بدراسة إمكانات CBDCs خلال مرحلة البحث، وتوضّح النتائج أن دولاً “كالبحرين وجورجيا والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة قد انتقلت إلى مرحلةٍ أكثر تقدماً وهي مرحلة إثبات المفهوم”، كما كشفت النتائج عن أن “كازاخستان تُعَد الأكثر تقدماً بعد إطلاقها زوجاً من البرامج التدريبية لعملتها الرقمية الرسميّة التينغ (Tenge)”.

تابعونا عبر أخبار جوجل من هنا