تبني العملات الرقمية يتوقف على التعليم

إخلاء مسؤولية: يقدم قسم Industry Talk آراءً من قبل أشخاص فاعلين في سوق الكريبتو، ولا يُعتبر هذا جزءاً من المحتوى التحريري لموقع Cryptonews.com.

لقد عبر قطاعُ العملات المشفرة شوطاً طويلاً منذ الانهيار الحاصل عام 2018، والذي نتج عن موجة عمليات احتيال كانت تتمُّ من خلال عروض البيع الأولية للعملات ((ICO. وبالرغم من أن هذا المجال المالي قد شهد سنوات مُمَيّزة؛ إلا أنّ تبني الكريبتو -من قبل عموم الناس- ليس بالمستوى المرجو حتى اللحظة.

فعليّاً، ظهرتْ بعضُ أسوأ الإحصائيات فيما يتعلق بالنظرة العامة لقطاع العملات المشفرة خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2022. ويكفي أن نعرف أنّ نسبة 50% من الأمريكيين مِمّن كانوا يتبنون وجهة نظر إيجابية أو محايدة تجاه العملات المشفرة في آذار/مارس الماضي، قد انخفضت إلى 24% فقط. وفي الوقت الحالي، يتبنى حوالي 8% فقط من الأمريكيين وجهة نظرٍ إيجابية تجاه العملات المشفرة، بينما نجد ما يقربُ من 43% ممن ينظرون إلى القطاع نظرة سلبية.

وكانت أخبار منصة FTX قد وجهت ضربة كبيرة أخرى للعملات المشفرة، وتسببت بحالة ذعر في السوق. ومع دخول السوق في فصل شتاء الكريبتو الهابط، بدأ الناس بسحب أموالهم بشكل أسرع من أيّ وقت مضى. وهكذا، مع التبنّي البطيء وتراجع السوق وانخفاض القيمة السوقية، يرى الكثير من الناس أن هذه العوامل هي مؤشراتُ نهاية قطاع العملات المشفرة.

بالمقابل، يرى عدد مساوٍ -تقريباً- من الناس لحظةَ الأزمة هذه كنقطة تحوّل يمكن أن تغير التصور العام للعملات المشفرة وتطبيقاتها. ونعتقد أن قوة التغيير هذه تكمن في توفير التعليم والتوعية حول العملات المشفرة وتسهيل الوصول إلى المعرفة التي تقود نحو تبنّي هذا القطاع وانتعاش الأسعار.

في هذه المقالة، سنلقي نظرة على واقع ثقافة العملات المشفرة، ونوضح كيف يمكن أن يساعد توفير التعليم الأكاديمي وورش العمل والمعلومات العامة في تعزيز هذا التبني، مع قرب دخولنا في عام 2023.

لماذا لا يزال تبنّي العملات المشفرة متعثّراً حتى الآن؟

هناك ثلاثة أسباب رئيسية وراء كون تبني العملات المشفرة حالياً في أدنى مستوياته خلال ثلاث سنوات. ويلعب كلُّ واحدٍ من هذه الأسباب دوراً حاسماً في الوضع الحالي لسوق العملات المشفرة. 

تتلخص العواملُ الثلاثة التي تجعل الناس يُحجمون عن الدخول في سوق العملات المشفرة، بما يلي:

  • عوائق معرفيّة.
  • عوائق اجتماعيّة.
  • عوائق اقتصادية.

دعونا نلقي ضوءاً على مزيدٍ من التفاصيل.

العوائق المعرفية

عندما لا يستطيع الناس فهم مجالٍ ما، فمن المستبعد تماماً أن يستثمروا أو يشاركوا فيه، فالإنسان عدوُّ ما يجهل، وهذا ما ينطبق على الوضع الذي نحن بصدده. فالغالبية العظمى من الناس لا يفهمون تقنية البلوكتشين (blockchain) أو أيّاً من استخداماتها وخصائصها أو النشاطات المبنيّة عليها؛ فيما تقتصر تجربتهم الوحيدة مع هذا النظام على الأخبار الرائجة عنه، والتي لا تزال تعطي بالعموم نظرةً سلبيةً عن هذا القطاع.

وهكذا، فإن مواكبة هذه التكنولوجيا الجديدة ستبقى معركة شاقة إلى أن يتوفر للناس طريقةٌ للتعرف على العملات المشفرة، بشكل سلسٍ ومنطقيٍّ ومفهومٍ بالنسبة إليهم؛ فنحن بحاجة إلى تمهيد الطريق أمام المبتدئين لتعلّم الأساسيات، قبل إغراقهم في أكثر مجالات البلوكتشين تعقيداً.

وفي وضع السوق حالياً، فإنّ أكثر الناس غير مستعدين لصرف الوقت والجهد للعثور على مصادر تعلُّم ليست ذات شهرة، لذلك قد يكون الحل بتوفير هذه المصادر بطريقة تضمن إمكانية الوصول السهل إليها.

العوائق الاجتماعية

يَظهر تراجع الثقة في العملة المشفرة بوضوح حالياً، حيث أن قيمة هذا القطاع ككل قد انخفضت بنسبٍ ضخمة خلال السنة الأخيرة. فبينما كانت سوق الكريبتو قد وصلت إلى قيمة سوقية تبلغ ثلاث تريليونات دولار في مثل هذا الوقت من العام الماضي، فقد انخفضت الآن إلى حوالي 870 مليار دولار، بعد أن خسرت ما يقارب 70% من قيمتها.

وإلى جانب شتاء الكريبتو السلبيّ هذا، أدت الخسائر المتواصلة للمال أو الاستثمارات أو حتى أنظمة بأكملها بسبب المشاريع الاحتيالية أو غير المسؤولة (مثل FTX)، إلى مزيد من الشك بين الناس الذين لن يجدوا الدافع إلى الاستثمار في هذه الوسيلة المالية، بدونِ رؤية واضحة تعطيهم سبباً منطقياً لزيادة قيمة العملات المشفرة قريباً. لذا فإنه من المتوقع أن تسير عملية تبني العملات المشفرة بخطىً بطيئة للغاية، إلى أنْ يغيّر الناس تصوراتهم عنها.

 الحاجز الاقتصادي

تُعدّ فترات السوق الهابطة أوقاتاً صعبة في أية بيئةٍ استثماريّة؛ فبمجرّد بدء سوق الأسهم المركزيّة بالانحدار أو الهبوط -كما كان حالها خلال العام الماضي- تتعرض الصناعات الأخرى إلى انهيارات مشابهة نابعة من ذلك. يشار إلى أنّ ذلك ليس ببعيدٍ عن مجال الكريبتو، والذي يعاني حالياً بسبب تداعيات انهيار الأسعار.

وجدير بالذكر أنّ انضمام مستثمرين جدد إلى الساحة -خلال سوق الكريبتو الصّاعدة- كان أمراً يعدّ من السهولة بمكان، حتى وإن لم يكونوا على دراية بأساسيّات العملات المشفّرة أو أسباب ارتفاع أسعارها، حيث يريد الجميع الحصول على قطعةٍ من كعكة الأرباح؛ وباختفاء ذلك الحافز المالي، فلن يكلّف الناس أنفسهم عناء البحث عن فرص استثمارية لأموالهم.

لتغيير ذلك الواقع، تحتاج صناعة الكريبتو إلى بلوغ الناس لفهمٍ تام للأسباب التي تقف وراء استحداث العملات المشفّرة بالأساس؛ ولبلوغ ذلك الهدف -مع إصلاح المشكلات الأخرى التي تمت مناقشتها سابقآ- فإنّنا بحاجةٍ للاعتماد على الجانب التعليمي.

 كيف يمكن أن يساعد التعليم عن الكريبتو بالمساعدة في تجاوز تلك المعوقات؟

يُشار إلى أنّ كلّاً من الحواجز المعرفيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة، والتي تحول من تبنّي العملات المشفّرة، تجتمع على عاملٍ مشترك يشملها جميعاً؛ ألا وهو نقص الفهم. فمثلاً، عند اختبار معرفة العامة بالعملات المشفّرة في الولايات المتحدة، تبيّن أن نسبة لا تتجاوز 4% من الأمريكيين يفهمون أساسيات العملات المشفّرة وكيفيّة استخدامها عملياً.

 يُذكرُ أنه في غياب الإدراك الحقيقيّ لمفاهيم العملات المشفّرة، فإن عامة الناس لن يكونوا قادرين على فهم الإمكانات التي يمكن أن توفّرها لهم، كما أنهم سيغفلون قدرة هذا القطاع على تغيير استخداماتنا المستقبليّة للتكنولوجيا بشكلٍ كلّي. وتدرك العديد من شركات الويب الثالث (Web3) -بشكلٍ متزايد- أنّ التعليم يجب أن يصبح أولويّة قصوى، حيث بدأت أسماء كبرى مثل أكاديميّة إيه إيه جي (AAG Academy) في تقديم موادٍ تعليميّة خاليةٍ من التعقيدات.

فعن طريق تزويد العامّة بالأدوات والموارد اللازمة لفهم مجال الكريبتو، يمكننا البدء في تحفيز الصناعة وتعزيز آفاق التبني العام. فلنلقِ نظرة على الطريقة التي سيساعد فيها التعليم بزيادة التبني للعملات المشفّرة عبر التغلّب على كل من المشاكل آنفة الذكر:

  • العوائق المعرفيّة – تتيح المنصّات التعليميّة -مثل منصّة AAG- للعامّة سبل التعرّف على العملات المشفّرة ضمن وسطٍ مدروس وآمن، وذلك من خلال المشاركة في دورات مركّزة واستخدام المقالات التعليميّة، إذ بإمكان القرّاء التركيز على المحتوى الخاص بالمبتدئين وبناء قاعدة راسخة من المعلومات في البداية، عندها سيصبحون على أتمّ الإستعداد لفهم أخبار العملات المشفّرة ووضعها في سياقها الواقعي بشكلٍ أفضل.
  • العوائق الاجتماعيّة – إنّ قلة الثقة في العملات المشفّرة بوجهٍ عام يعود جزئيّاً إلى عدم الوعي بمفهوم العملات المشفّرة بحد ذاته؛ فبالنظر إلى انخفاض الأسعار في سوق العملات المشفّرة في الوقت الراهن، يفترض الأفراد -الذين لا يعون قيمتها- أنّ إجمالي القيمة السوقية لقطاع الكريبتو هي انعكاسٌ للإمكانات الكامنة للصناعة بأكملها. وعن طريق تثقيف العامّة حول مفهوم العملات المشفرة وإمكاناتها إلى جانب وظائِفها الفعليّة، يمكننا أن نشرح لهم سبب عدم تأثر القيمة الفعليّة للعملات المشفّرة بشكل أفضل، بغضّ النظر عمّا يشير إليه وضع السوق حالياً.
  • الحاجز الاقتصادي – عندما يبدأ الأفراد في استيعاب قيمة العملات المشفّرة من خلال ما قاموا بدراسته، فسوف يدركون مدى أهميّة الاستثمار فيها، خاصة مع الأسعار الزهيدة التي يشهدها السوق حالياً، والتي تعتبر بمتناول الجميع؛ لذلك فالوقت الحالي يُعدُّ مثالياً لبدء عملية الاستثمار بعيد المدى.

سيساعد التعليم فهم مناحي فائِدة العملات المشفّرة وتطبيقاتها العملية، وهو ما قد يجعل أولئِك الذين لا يفهمون هذا السوق على دراية بمكامن القيمة الحقيقيّة المتوفّرة بداخله، وبإمكان التعليم ورفع الوعي مُساعدة العامة على إزاحة مخاوفهم من التكنولوجيا الجديدة جانباً، وتقدير حجم الفوائِد التي تكمن بداخلها.

ما يجعل الخوض في التعليم والثقيف بمفاهيم الويب الثالث (Web 3) استثماراً ناجحاً من شأنه المُساعدة في التبنّي الشامل والكبير لقطاع العملات المشفرة.

أفكار ختاميّة 

إنَّ المشاريع التي توفّر لعامّة الناس طريقةً سهلة وميسّرة للحصول على مواد تعليمية عالية الجودة عن العملات المشفّرة تمهّد الطريق المؤدّي إلى التبنّي الشامل على نطاق أوسع، وبغضّ النظر عن الدرجة العالية من الإبداع الموجود في المفاهيم الجديدة التي تطرحها هذه التقنيّة، ففي حالة عدم تمكّن الأفراد من فهم طريقة عملها، فإنّهم لن يكونوا مستعدّين لوضع ثقتهم فيها على الإطلاق؛ ناهيك عن الاستثمار بها.

يُشار إلى أنّ وجهة النظر هذه ذاتها صحيحة من منظورٍ اقتصاديٍّ؛ حيث سيكون الناس أكثر استعداداً للاستثمار في مجال ما، إذا ما كانوا قادرين على فهم أسباب تمتّعه بالقيمة والتطبيقات التي يمكنه إضافتها والتي لم تكن متاحةً من قبل. تجدر الإشارة هنا إلى عمل شركات كبرى -مثل شركة AAG- على تسهيل مسار التبني الشامل لمجال الكريبتو، يمنح الأشخاص غير المختصّين معلوماتٍ سهلة الفهم، بإمكانها تسريع مسار تبني العملات المشفرة ما سيقلل المدة اللازمة لنجاح هذه المهمّة بمقدار سنوات وتحقيقها في وقت أقرب.