هوامش ربح صانعي السوق في قطاع الكريبتو تتراجع بنسبة 30% في خضمّ تغيّراتٍ في القطاع

فريدريك فولد
| 2 min read
مصدر الصورة: Adobe/Bill Gallery

لطالما كان العمل في صناعة السوق ضمن عالم الكريبتو مصدراً مزدهراً للعوائد المجزية، ويأتي ذلك من خلال تسهيل التداولات والاستفادة من فرق الأسعار بين البيع والشراء، إلا أن الأمور تبدّلت اليوم، وبات هذا العمل يواجه أحوالاً غير مواتية.

وبحسب تقرير صادرٍ عن وكالة بلومبيرج يوم الثلاثاء، فإن أحد العوامل الرئيسيّة التي ساهمت في هذا الانخفاض هو الحذر المتزايد بين المستثمرين في أعقاب التراجع الذي شهدته سوق العملات الرقمية العام الماضي، والذي أدى إلى خسائرَ وصلت إلى حوالي 2 تريليون دولار.

وقد أدى الإفلاس الذي تعرّضت له بعض المنصّات مثل FTX إلى ترك كمياتٍ كبيرةٍ من الأصول الرقمية عالقةً في منصّاتٍ منهارة، ما أدى إلى تخوّف صناع السوق من الاضطرابات المستقبلية المحتملة.

ووفقاً للتقرير نفسه، فقد لجأت الشركات إلى إستراتيجيات تجنّب مخاطرَ أدت إلى تضاؤل هوامش الربح.

وتمثَّلَت إحدى تلك الإستراتيجيات في العمل على عدّة منصّاتٍ في نفس الوقت لتجنب مخاطر تركيز كافة الأصول في منصّةٍ واحدة. كما ازداد لجوء صناع السوق إلى تخزين الأصول الرقمية خارج منصّات التداول لاستخدامها كضمانٍ من أجل اقتراض العملات الرقمية واستثمارها على منصّات الكريبتو، بحيث يتم الاحتفاظ بهذه الضمانات عادةً لدى جهاتٍ وصيّةٍ أو وسطاءَ كبار، بما يضمن سلامة تلك الأصول، واقتصارَ الخسائر -في حال انهيار المنصّة- على العملات المقترَضَةِ فقط.

ارتفاع تكاليف قطاع صناعة السوق


من الطبيعيّ أن تترافق تدابير تخفيف المخاطر مع تكاليف إضافيةٍ، فقد أشارت وكالة بلومبيرج بهذا الخصوص إلى أن استخدام الوسطاء لإدارة الضمانات يقلّل الأرباح بنسبة 20% إلى 30% مقارنةً بالأرباح التي يمكن جنيُها من استخدام العملات بشكلٍ مباشرٍ على منصّات التداول من قبل صانعي السوق أنفسهم.

وبالرغم من تراجع هوامش الربح، يدرك المشاركون في السوق ضرورةَ هذه الإستراتيجيات، لأن التكاليف المرتفعة أصبحت الآن أمراً لا مفرَّ منه ضمن سوق الكريبتو.

وقال لو شي (Le Shi) رئيس قسم التداول في شركة Auros الناشطة في مجال الكريبتو لبلومبيرج معلقاً حول الموضوع: “كانت كارثة منصّة FTX بمثابة صفارة إنذار لهذه القطاع”. واعترف “شي” بأن المخاطر المرتبطة بترك الأصول الرقمية في المنصّات لم تكن في قائمة الأولويات، لكن الأمورَ -وفق تعبيره- قد تغيّرت الآن. وقال: “[…] نحن ندرك أن التكاليف المرتفعة أصبحت واقعاً علينا التعامل معه لممارسة أنشطة الكريبتو الآن”.

عمق السوق يكشف عن انخفاض السيولة


كشف تحليلٌ لعمق سوق منصّات التداول -أي قدرة السوق على استيعاب الطلبات الكبيرة دون التأثير على الأسعار- أن السيولة الحالية أقلُّ بكثيرٍ الآن مقارنةً بمستوياتها خلال فترة السوق الصاعدة خلال جائحة كوفيد 19.

ووفقاً لمذكرةٍ كتبَها باحث العملات الرقمية كايكو (Kaiko)، فإن عدد الصفقات التي تقع قيمتها ضمن 2% من متوسط سعر بيتكوين (Bitcoin-BTC) في المنصات انخفضَ الآن بأكثرَ من 60% منذ تشرين الأول/أكتوبر من عام 2022.

ونقلت بلومبيرج عن الباحث قولَه: ” في حين يرجعُ السبب جزئياً إلى أسبابٍ هيكلية، إلا أن صانعي السوق يغادرون مجال الكريبتو إثرَ تكبُّدهم للخسائر أو لإعادة النظر في إستراتيجيات إدارة المخاطر الخاصّة بهم بعد حادثة انهيار منصة FTX، كما أن بيئة التقلّبات المنخفضة (بما يعني تضاؤل هوامش الربح) تلعب أيضاً دوراً هاماً في إبقاء مزوّدي السيولة خارج السوق أيضاً”.