الاحتياطي الفيدرالي يصرّح بأن العملات الرقمية المستقرّة يمكن أن تسبّب اضطراباً في الاقتصاد

جيمي آكي
| 3 min read
المصدر: Pexels

نشرت البنوك الاحتياطية الفيدرالية في بوسطن ونيويورك تقريراً مبنياً على بياناتٍ يتحدّث عن التأثير المحتمل للعملات المستقرة على المناخ الاقتصادي، ويحتوي التقرير على 49 صفحة بعنوان “الهرب إلى الأمان: هل تصبح العملات المستقرة السوق الماليّ الجديد” ويتم فيه ربط هذه العملات بوسائط التمويل التقليدية وتحديداً صناديق سوق المال (MMFs)؛ ويركّز التقرير على أن العملات المستقرة وصناديق سوق المال توفّر أصولاً شبيهةً بالأموال للمستثمرين نظراً لقيمتها المستقرة من خلال المشاركة في تحويل السيولة.

ولكن الاستمرار في إصدار السيولة قد يجعل من هذه العملات عرضةً لحركاتٍ ممتدّة في السعر كما هو حال الودائع المصرفية التقليديّة، ويشمل التقرير أيضاً دراسة حالةٍ عن الحركات السعريّة الممتدة للعملات المستقرة مركّزاً على الحوادث التي تشمل عملات USDT وUSDC في عامي 2022 و2023؛ ويوضّح التقرير الفروقات بين هذه الأحداث والحركات السعرية الممتدة التي شهدتها صناديق أسواق المال في عامي 2008 و2020، وبحسب هذا البحث الاستقصائيّ تُعتبر العملات المستقرة ضعيفةً خلال فترات الهبوط لسوق العملات الرقمية أو عند حدوث المشاكل غير المتوقعة.

وفي حال تزايد انخراط العملات المستقرة في الأسواق المالية الحرجة -مثل التمويل قصير الأمد- يمكن أن تتولّد هناك خطورةٌ على النظام الاقتصادي العام.

ومن العناصر المهمّة في التقرير أن العملات المستقرة تُبدي نطاقاً أوسَعَ من نماذج الخطورة ممّا هو عليه في صناديق سوق المال، كما أشار التقرير أيضاً إلى أن بعض العملات المستقرة مدعومةٌ بأصولٍ آمنةٍ مثل النقود الفعلية أو سندات الخزينة الأمريكية فيما تعتمد أخرى على ضماناتٍ أكثرَ خطورةً مثل العملات الرقمية الأخرى أو حتى ديون الشركات، وفي الحالات التي تفقد فيها هذه الضمانات قيمةً ما فمن المرجّح أن تنحرف العملات المُعتمِدة عليها عن مركز ثباتها وتشهد خسائرَ كبيرة.

إلى جانب ذلك نذكر العملات المستقرة التي تحافظ على القرب من مركز ثباتها من خلال الخوارزميّات المبنية على العرض والطلب والتي لا تُعتبر منيعةً في وجه هذه المخاطر ويمكن أن تشهد حركاتٍ سعريةً ممتدّةً في حال انحدار ثقة المستثمرين، وقد شدّدت الوثيقة المبنية على البيانات أن الأحداث العصيبة قد أدّت بالفعل إلى خسارة مليارات الدولارات، وشملت الحوادث المذكورة انهيار عملة Terra في أيار/مايو 2022 وارتباط USDC ببنك وادي السيليكون (Silicon Valley Bank) الذي تمّت تصفيته.

تدفق العملات المستقرة في فترة فشل بنك وادي السيليكون – المصدر: تقرير البنوك الاحتياطية الفيدرالية في بوسطن ونيويورك

ومن بين الموجودات الأخرى ميل المستثمرين للتخلي عن أصول العملات المستقرة عند هبوط قيمتها من 1$ إلى 0.99$ وعندما يسارع هؤلاء المستثمرون للهروب سيحدث انحرافٌ سريعٌ لثبات العملة وهبوطٍ في سعرها بالنسبة لبقية المستثمرين؛ وبشكلٍ مشابهٍ لهذه العملات يتم تحديد قيمة صناديق سوق المال بقيمة 1$ عادةً وتبقى فوق عتبة 0.995$، وفي حال الهبوط دونها يبحث المستثمرون عن بدائل أكثر أماناً ممّا يتسبّب بهبوط السعر بشكلٍ تلقائيّ.

تهديد حالة العملات المستقرة كملجأ آمن


أظهرت بداية عام 2023 علاماتٍ لتعافي السوق بشكلٍ عام إلا أن لجنة الأوراق المالية والبورصات (SEC) الأميركية قامت بخلق شعورٍ من الحيرة، حيث تعرّضت منصّات التداول الرائدة مثل بينانس (Binance) وكوينبيس (Coinbase) لاتهاماتٍ بخصوص تداول أوراقٍ ماليةٍ غير مسجّلةٍ وعدم توضيح الفرق بخصوص تصنيف الأصول كأوراقٍ ماليةٍ أو سلع، ولم تعد العملات المستقرة تُعتبر ملجأً فعالاً بالنسبة للمستثمرين بعد أن كانت المَهرب المعتاد في فترات الاضطراب لتفادي التضخم وتخفيف الخسائر.

وبحسب تقريرٍ جديد من موقع CCData تقدّر القيمة الإجمالية لقطاع العملات المستقرة في شهر تموز/يوليو بـ 124 مليار دولار (هبوط 11.6% بعد 18 شهراً من الركود أثّرت على معظم قطاعات الأصول)، وتُذكر العديد من العوامل التي ساهمت في هذا الهبوط بما فيها تعليق فرع بينانس الأمريكي لودائع الأوراق المالية بسبب الإجراء القضائيّ من قبل لجنة الأوراق المالية والبورصات وقرار منظمة MakerDAO بإلغاء إدراج عملة USDP بسبب فشلها في توليد ربحٍ إضافيّ، فيما أعلنت بينانس العالمية -إلى جانب ذلك- نيّتها إلغاء إدراج جميع العملات المستقرة في أوروبا بحلول 30 حزيران/يونيو 2024.

وفي حال استمرار هذا النشاط السلبيّ في قطاع العملات المستقرة فقد يبحث المستثمرون عن خياراتٍ بديلةٍ ممّا يقود لانهيارٍ كاملٍ للسوق الذي كان مزدهراً في أحد الأيام.