الصراع بين إسرائيل وحماس يهزّ الأسواق العالمية: تراجع أسعار الأسهم الناشئة والكريبتو وارتفاع أسعار النفط والمعادن
تلقّت الأسواق العالمية ضربةً قويةً اليوم مع تصاعد التوترات بين إسرائيل وحماس وتحوّلها إلى حرب شاملةٍ خلال عطلة نهاية الأسبوع. وانعكست آثار هذا الصراع مباشرةً على مختلِف فئات الأصول الماليّة، حيث دفعت الأسهم الناشئة والعملات الرقمية في اتجاه هبوطيّ، في حين تسبّبت برفع أسعار النفط والمعادن الثمينة.
وتأتي هذه التحديات الجديدة للأسواق المالية لتُضافَ إلى المخاوف القائمة مسبقاً والمتعلقة بالصراع الأوكراني الروسيّ، وارتفاع معدلات التضخم، وزيادة معدلات الفائدة.
الحرب بين إسرائيل وحماس تلقي بظلالها على الأسهم العالمية
شهدت أشهر مؤشرات الأسهم الأمريكية مثل ستاندرد آند بورز 5000 (S&P 500) وداو جونز (Dow Jones) وناسداك (Nasdaq) وويلشاير5000 (Wilshire 5000)، انخفاضاتٍ في قِيَمها يومَ أمس. فبعد أن كانت المؤشرات قد أغلقت على ارتفاعٍ يوم الجمعة الماضي، عادت للتراجع بتأثير الحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس حالياً.
وجاءت استجابة بنك إسرائيل للأزمة بالإعلان عن عزمه بيعَ ما يصل إلى 30 مليار دولار من العملات الأجنبية بهدف الحفاظ على استقرار السوق، كما انخفضت سندات الحكومة الإسرائيلية، ومنها سندات المئة عام 2120 بقيمة 5.3 سنتاً من الدولار في انخفاضٍ قياسيّ.
ارتفاع السلع الأساسيّة: النفط والمعادن
يُعتَبر كلٌ من النفط والمعادن الثمينة بمثابة ملاذ آمن في أوقات الاضطرابات الجيوسياسية. ويصدُقُ هذا القول في الصراع الحاليّ بين إسرائيل وحماس؛ فقد شهد كلٌّ من النفط الخام الأمريكي وخام برنت ارتفاعاتٍ واضحةً، وهذا ما سيترتّب عليه آثارٌ أكبر في الأيام المقبلة.
وكانت منظمة البلدان المصدِّرة للبترول (أوبك) قد رفعت مؤخراً توقعاتها للإنتاج إلى 116 مليون برميلٍ يومياً بحلول عام 2045، بزيادةٍ قدرها 6 ملايين برميل يومياً عن العام الماضي. وقال قطب الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان يوم الأحد الماضي خلال الجلسة الافتتاحية لأسبوع المناخ في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الرياض، إن أوبك تتبنّى “نهجاً احترازياً” فيما يتعلق بكميات الإنتاج. لكن، ومع تصاعد الصراع بين إسرائيل وحماس فإن الجدل يدور من جديد حول المزيد من عمليات تخفيض الإنتاج.
وقالت سوزانا ستريتر، رئيسة قسم المال والأسواق في هارجريفز لانسداون (Hargreaves Lansdown) إن “الهجمات المروِّعة في إسرائيل أدت إلى ارتفاع أسعار النفط، ويعمل المستثمرون على تقييم احتمال أن يؤدي الصراع إلى تعطيل الإمدادات في الشرق الأوسط إذا ما انخرطت دولٌ أخرى في هذا الصراع”. فمشاركة دولٍ أخرى في الحرب بين إسرائيل وحماس ستزيد من التأثير على سلاسل إمداد النفط العالمية، ما سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار وزيادة ضغوط التضخم التي هي أصلاً مشكلةٌ قائمةٌ ومصدر قلقٍ للاقتصادات العالمية.
تراجع القيمة السوقية للعملات الرقمية وسط اضطرابات السوق العالمية
رغم ما توصف به العملات الرقمية في كثير من الأحيان بكونها “الذهب الرقميّ”، إلا أن أداءَها خلال الصراع بين إسرائيل وحماس يشير إلى خلاف ذلك.
فقد انخفض إجمالي القيمة السوقية للعملات الرقمية بنسبة 2.04% مقابل الدولار الأمريكي. وشهدت العملات الرقمية الرئيسية مثل بيتكوين وإيثيريوم اتجاهاً هابطاً، حيث تراجعت مقابل الدولار الأمريكي بنسبة 1.7% و2.46% على التوالي خلال الساعات الأولى من التداول.
وقالت الخبيرة الإستراتيجية الجيوسياسية تينا فوردهام لرويترز: “عادةً ما تكون الأسواق الناشئة والسلع الأساسيّة والعملات هي الأصول الأكثرَ حساسيةً للمخاطر الجيوسياسية، وهذا ما يحصل اليوم، فقد لمسنا تأثُّر كلَّ هذه الأصول الآن”.
وإضافةً إلى ما تقدّم، فقد انعكس تأثير الصراع على العملات التقليدية أيضاً، إذ تراجعت العملة الوطنية الإسرائيلية -الشيكل- بشكلٍ حادٍّ مقابل الدولار الأمريكي الذي ارتفع بنسبة 2.96% ليبلغ سعره 3.952 شيكل. وشهد الذهب -الذي يُعتبر غالباً ملاذاً آمناً- ارتفاعاً في الطلب بنحو 1.39% ليصل إلى 1,858$ للأونصة، كما ارتفعت الفضة بنسبة 1.23% في الساعة 3:00 مساءً بالتوقيت المحلي.
لقد سلّط الصراع بين إسرائيل وحماس الضوء بشدة على حساسية الأسواق المالية العالمية تجاه الأحداث الجيوسياسية. وفي حين أن الآثار المالية المباشرة واضحةٌ على مختلف فئات الأصول، إلا أن التأثيرات طويلة المدى لهذه الأزمات تبقى غير معروفةٍ نظراً لصعوبة التكهن بها.
