أوكرانيا تعتزم تجميد الحسابات المصرفية للمواطنين الذين يمتنعون عن المشاركة في الحرب – فهل يمثل قطاع الكريبتو طوق النجاة؟

جيمي آكي
| 3 min read

وافق البرلمان الأوكراني في السابع من شباط/فبراير الجاري على المُسوَّدة الأولى لمشروع قانونٍ يقضي بفرض قوانينَ أكثرَ صرامةً لتعبئة مجنّدين جددٍ لأداء الواجب العسكريّ، حيث اقترحت المسودّة تجميد الحسابات المصرفية التابعة للمواطنين الشباب الذين يحاولون التهرّب من المشاركة في الحرب المُستعرة التي تخوضها البلاد، لتسلّط هذه الخطوة المثيرة الضوءَ على خطورة الوضع، مثيرةً تساؤلاتٍ حول دور العملات الرقمية كملاذٍ بديلٍ لتفادي الرقابة المالية الحكومية.

مشروع قانون الحرب الأوكرانية: الحكومة تتخذ موقفاً صارماً


بدخول الصراع مع روسيا عامَه الثالث، يعكف البرلمان الأوكراني على إعداد تعديلاتٍ تطال قانون التعبئة بسبب تراجع أعداد الجنود المتطوّعين.

وأبلغ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (Volodymyr Zelenskyy) المشرّعين في كانون الأول/ديسمبر 2023 أن الجيش يسعى لتجنيد 500 ألف محارب إضافيّ لتعويض خسائره البشرية في ساحات المعارك. وكانت السلطات الحكومية في كييف قد طلبت من دول الاتحاد الأوروبي التي تؤوي لاجئين أوكرانيين إعادةَ الرجال الأصحّاء المؤهلين لأداء الخدمة العسكرية إلى وطنهم، إلا أن معظم هذه الدول رفضت الامتثال للطلب الأوكراني.

ولمعالجة هذه القضية، وافق البرلمان الأوكراني على المسودّة الأولية لمشروع قانونٍ يقضي بتشديد إجراءات التعبئة وإلزام المواطنين بأداء الخدمة العسكرية. وتم تقديم مشروع القانون الأوليّ بتاريخ 31 كانون الثاني/يناير 2024 بعد خضوعِهِ لمراجعاتٍ عدة، لتحصلَ نسخته المعدلة -والمتضمِّنة عدة إجراءاتٍ صارمةٍ- على موافقةٍ برلمانيةٍ يوم الأربعاء الماضي.

وفي حال إقراره، سيضيّق مشروع القانون الجديد الخناق على مسألة التهرّب من الجندية، في محاولةٍ من الحكومة الأوكرانية لسدّ العجز الذي تواجهه كييف في أعداد الجنود المطلوبين لخوض معاركها ضد الغزو الروسيّ، كما سيؤثر ذلك بشكلٍ كبيرٍ على المواطنين الأوكرانيين المقيمين بالخارج، وقد يحدُّ من تلقيهم للخدمات القنصلية في حال كانت وثائقهم العسكريّة قديمةً؛ كما اقترح التعديل أيضاً خفض سن الخدمة الإلزاميّ من 27 إلى 25 عاماً.

وفي سابقةٍ تُعد الأولى من نوعها، اتخذت الحكومة الأوكرانية قراراً صارماً بتجميد الحسابات المصرفية والأصول المالية للمتهرّبين من المشاركة في المعارك، حيث استخدمت الحكومة الرقابةَ النقدية وأنظمة التمويل المركزية لفرض تدابيرها المشدّدة. ووصفت وزارة الدفاع مشروع قانون الحرب الأوكراني بأنه سلسلةٌ من الإجراءات المعقّدة، مُعربةً عن اعتقادها بضرورة اتخاذ هذه الخطوة لتعزيز قدرة الدولة على الصمود في حربها طويلة الأمد؛ كما تعهّدت بالعمل بشكل وثيقٍ مع اللجنة البرلمانية لضمان إدراج جميع التعديلات اللازمة في مشروع القانون قبل طرح مسودّته الثانية.

العملات الرقمية كحلّ بديلٍ للسلطويّة الحكومية


دفعت التوترات الجيوسياسية السلطات إلى البحثِ عن أساليبَ دفاعيةٍ غير تقليديةٍ، غيرَ أن وصول الأمر إلى تجميد حسابات المواطنين المصرفيّة باتَ يثير مخاوفَ أخلاقيةً؛ فمن المعروف تاريخياً احتكار الحكومات حصراً الحقَّ بإصدار العملات الرسمية، كشكلٍ من أشكال فرض السيطرة.

وعلى العكس من العملات الرسمية التقليدية التي تخضع لسيطرة الحكومات ويمكن للسلطات مصادرتها، توفّر العملات الرقمية وسائلَ تخزينٍ ونقلٍ للقيمة تتصف باللامركزية وتستعصي على الإجراءات الرقابية، وهيَ ميزةٌ ذات أهميةٍ خاصّةٍ عندما تتعرّض الخدمات المصرفية التقليدية للحجب أو التقييد.

فالعملات الرقمية تمنح مالكيها من الأفراد ميزة الملكية المباشرة لأصولهم دون منازع، حتى أثناء الاضطرابات السياسية أو فترات عدم اليقين الاقتصاديّ؛ فبفضل تقنية البلوكتشين، تضمَن العملات الرقمية عوامل الشفافية والأمان والحصانة ضد التغييرات التعسفية، وبالتالي تخفّف من مخاطر الوصول أو التلاعب غيرِ المصرَّح به.

وتساهم هذه اللامركزية بحماية بيتكوين (Bitcoin-BTC) من ضغوط التضخّم والتدخلات السياسية التي تؤثر على العملات الورقية، والتي تكون عُرضةً للتلاعب من قبل المتنفّذين في تلك الدول. وكمثالٍ على ذلك، يلجأ العديد من المواطنين الفنزوليين إلى عملة BTC كملاذٍ ماليٍّ بديلٍ يمكنه حفظ قيمة مدّخراتهم في ظلّ التضخم المُفرط والقوانين المالية الصارمة في فنزويلا، فمن خلال أرصدة بيتكوين التي يحصلون عليها من أقاربهم في الخارج، يتجاوز هؤلاء العقبات البيروقراطية التي تفرضها الحكومة.

من المعروف أيضاً أن معاملات بيتكوين تتم مباشرة بين الأفراد دون الحاجة لوجود وسطاءَ كالبنوك مثلاً، وهكذا فإن عملة BTC تمثل بالنسبة للكثيرين سبيلاً للتمتّع بالحرية والاستقلال المالي.

يُشار -في هذا السياق- إلى أن أقلَّ من 1% من سكان العالم يستخدمون عملة بيتكوين حالياً، وفقاً لتقرير صادرٍ عن موقع Statista. ومن ناحيةٍ أخرى، يعيش أكثر من 50% من الأفراد في جميع أنحاء العالم في ظلِّ أنظمة حكم استبداديةٍ، وفقاً لمؤسسة حقوق الإنسان (Human Rights Foundation)، ما يعني أن زيادة تبني العملات الرقمية يمكنه المساهمة -إلى درجةٍ كبيرةٍ- في تمكين 4 ملياراتٍ ممّن يفتقرون إلى الثقة في الحكام أو الخدمات المصرفية التقليدية من تحقيق حريتهم المالية.