ما لا يفهمه البعض عن العملات الرقمية

| 0 min read

خوان فيلافيردي عالم اقتصاد ورياضيات يعمل على تحليل العملات الرقمية منذ عام 2012، وهو يرأس فريق محللي Weiss Ratings ومحللي الكمبيوتر الذين أنشأوا تقييمات Weiss للعملات الرقمية.
___________

Source: iStock/microgen

على الرغم من الكم الهائل من القوى العاملة الخبيرة والأموال التي تم سكبها في تطوير تقنية البلوك تشين والحسابات المسجلة الموزعة، يستمر رافضو العملات الرقمية بتعميم روايتهم السلبية.

يقولون: “إنها عديمة القيمة”.

ويصرخون: “سوف تختفي بين ليلة وضحاها”.

أنا لست متفاجئاً، فجميعنا نعلم أن الأخبار المزيفة أمر شائع في الوقت الحاضر، ويحصل معنا أن نعلق بين فينة وأخرى في ذات دوامة التفكير، دون معرفة الخروج منها.

وهذا يشملني. لذا، غالباً ما أحب أن آخذ خطوة إلى الخلف، وأنظر إلى “ثورة” البلوك تشين من الخارج، لمعرفة لماذا يشوّه “الخبراء” المزعومين هذه الصناعة.

ما أجده: سلسلة كاملة من الاعتقادات الخاطئة حول البلوك تشين، إليكم أربعة من الأكثر شيوعاً منها.

الاعتقاد الخاطئ #1:

“لا يمكن استخدام العملات الرقمية كنقود لأن العرض المحدود منها يجعلها انكماشية”.

صحيح أن للبتكوين طبيعة انكماشية. (أي أنها سعرها سينخفض كلما زاد استخدامها)

نعم، لدينا 21 مليون بتكوين، ولن يكون هناك أكثر من ذلك.

بالإضافة إلى ذلك، حوالي 20٪ من المعروض من حالياً من البتكوين (أكثر من 3 ملايين) قد فقدت إلى الأبد.

إن نظرية “الأموال الانكماشية” ليست جديدة، بالطبع. يعود الأمر إلى الفكرة القديمة التي تقول: “لن تشتري أبدًا الأحذية بالذهب، لأن الذهب نادر جداً بحيث لا يمكن استخدامه كنقود”.

بدلاً من ذلك، تأتي نظرية أن الناس سوف ينفقون المال المتاح بسهولة أكبر ويخزنون المال الأكثر ندرة.

لماذا يعتبر هذا اعتبارًا خاطئًا: إن البتكوين هي العملة الرقمية الوحيدة الموجودة على نطاق واسع وتم تصميمها لتكون شحيحة.

لا تتبع جميع العملات الرقمية هذا النموذج. في الواقع، يمكن تصميم عملات رقمية بأي مواصفات.

يمكن أن تكون انكماشية، ويمكن أن تكون تضخمية.

ويمكن ربطها بالنمو السكاني، أو نمو الاقتصاد، أو أي توليفة.

يمكن للمطورين تحسين عملية تكوين المال بحيث يصبح أكثر ندرة في أوقات الازدهار الاقتصادي (عندما يكون خطر التضخم أعلى) وأكثر وفرة كلما انحدر الاقتصاد (عندما يكون خطر الانكماش أعلى).

حتى أنه من الممكن تطوير العملات الرقمية لكي تكون تابعة للدورة الاقتصادية دون الحاجة إلى تدخل واضعي السياسات بشكل منتظم.

لذلك عندما تستمع إلى الحجة القائلة بأن “العملات الرقمية غير مفيدة لأن العملات لا يجب أن تكون محدودة”، يمكنك أن تعرف على وجه اليقين أن قائلها غالبًا لا يعرف الكثير عن هذه التكنولوجيا.

يمكن تطوير عملات رقمية للقيام بكل الأشياء التي يمكن أن تفعلها العملات التقليدية وأكثر من ذلك بكثير.

الفارق الكبير بينهما أن تطوير العملات الرقمية لا يعرف حدوداً، ولا يمكن التلاعب بها من قبل الحكومات الفاسدة. وهذا بالضبط ما يجعلها جذابة للغاية كحلّ للمشاكل التي تصيب النظام النقدي العالمي بشكل دوري.

الاعتقاد الخاطئ #2:

“العملات الرقمية فقاعة لأنها تسمح للشركات بطباعة أموالها الخاصة من فراغ.”

لماذا يعتبر هذا اعتقاداً خاطئًا: لكي ترى المغالطة في هذا الأمر، لا تحتاج إلى أن تعرف عن البلوك تشين الكثير. تحتاج فقط إلى أن تدرك أمرين:

أولاً، يتحدثون دائماً عن الشركات الناشئة التي تصدر عملات خاصة بها، ولكن هذه تدعى عروض عملات أولية (ICOs) من قبل الشركات المبتدئة التي تسعى لجمع الأموال. في جميع هذه الحالات، يكون عرض هذه التوكينز محدودًا بشكل ما من خلال البروتوكولات التي يطلقونها.

ثانياً، حتى في عالم الشركات الناشئة وعروض العملات الأولية، لا يختلف ما يقومون به أساساً عما تفعله الشركات التقليدية عندما تطرح الأسهم.

كيف تقوم الشركات التقليدية بخلق الأسهم؟ في يوم ما لا وجود للأسهم، وفي اليوم التالي هناك الملايين منها، ويمتلك المؤسسون معظمهم. هل خلقت من فراغ؟ بالتأكيد، إذا كنت تفترض أن هذه الشركات ليس لها قيمة.

هل هذه مشكلة؟ إذا كانت العملية غير منظمة وعشوائية، فنعم. ولكن كما هو الحال مع أي أسهم عادية في السوق، فإن تلك الشركات الناشئة التي تخلق قيمة مجتمعية ستحتفظ بقيمتها.

وعدا عن ذلك، ستتلاشى الشركات الأخرى ببساطة.

وهذه هي الطريقة التي يعمل بها المال والأصول والأسواق. لا يوجد أيّ جديد هنا.

الاعتقاد الخاطئ #3

“إن العملة الرقمية بدعة، لأن أحداً لم يخلق أي استخدام عملي لها.”

لا يوجد استخدام عملي لها!؟

ماذا عن الملايين من المعاملات الآمنة الخاصة التي حصلت بالفعل؟

ماذا عن النظام النقدي العالمي، اللامركزي، غير المحدود، المحايد، والمقاوم للرقابة الذي لا يستطيع أحد فرض هيمنته عليه؟

هل تعتبر هذه الاستخدامات غير عملية؟!

وسيأتيك رد البعض، “لماذا لا نستخدم الأنظمة الشبيهة بـ PayPal وحسب؟”

لأن PayPal شيء مختلف تمامًا. إنها قاعدة بيانات مركزية، موجود على رأس النظام المصرفي، وتجبر المستخدمين على العودة إلى النظام المصرفي لإنفاق أموالهم.

وهذا يعني أن القائمين على PayPal يمكنهم رفض قبول حسابك وحسب.

حتى بعد فتح حساب، يمكنهم رفض معاملتك، أو يمكنهم إغلاق حسابك بالكامل.

بالإضافة إلى ذلك، يمكنهم تحديد من يُسمح لك بالتعامل معه ومن محظور.

والأهم من ذلك أنها لا تقدم أي نظام جديد للعملة، فأنت تقوم بجميع العمليات باستخدام الأموال التي تسيطر عليها الحكومة بشكل حصري والتي يصدرها البنك المركزي.

في الحقيقة…

إن القول بأن العملات الرقمية غير مجدية لأن لدينا شركات تقوم بخدمات الدفع، يشبه قول أن الإنترنت عديم الفائدة لأن لدينا أجهزة فاكس.

تسمح البلوك تشين وتكنولوجيا الحسابات المسجلة بإنشاء مجموعة كاملة من التطبيقات الجديدة التي تؤدي أكثر من خدمات الدفع وحسب.

هذه التكنولوجيا تخلق طبقة جديدة من الثقة على الإنترنت حيث يقوم طرفان بإنشاء صفقة في عقد ذكي دون معرفة بعضهما البعض ودون الحاجة لأن يثقوا ببعضهما.

يمكن أن يكونوا على يقين من أن علاقتهم التجارية سيتم تنفيذها بالضبط وفقاً للمواصفات.

وهم يعلمون أن هناك فرصة ضئيلة للتلاعب بالصفقة من قبل أي طرف، أو من قبل سلطة مركزية، أو من قبل مؤسسات فاسدة من أي نوع.

الاعتقاد الخاطئ #4

“لا يمكن اعتماد العملات الرقمية مطلقًا نظرًا لأن النظام المالي والقانوني معقدان بشكل كبير جدًا بحيث لا يمكن أن تحتويهما تكنولوجيا البلوك تشين.”

هذه حجة قديمة لمناهضة التكنولوجيا، من المرجح أنها بدأت مع الأدوات الأولى التي اخترعها أسلافنا.

يمكنك أن تتخيلهم يسألون: “كيف يمكن أن تفعل ذلك بعصا أو حجر؟ ما تحتاجه حقاً هو يديك فقط، ومفاصلك، ودماغك!”

في التطور التكنولوجي، ظهر مصطلح “انعكاس البنية التحتية”، ويعني أن التكنولوجيا الجديدة دائمًا ما تناضل للحصول على قبول العالم الحالي.

لماذا؟

بحكم التعريف، لأن البنية التحتية الحالية تتوائم والتكنولوجيا القديمة.

اضطرت السيارات الأولى، على سبيل المثال، إلى أن تسير على الطرق الترابية (وغالباً الموحلة)، والتي كانت مبنية للخيول والعربات.

وكان القول السائد، “هذه الآلات لن تُعتمد أبداً، لا يمكنها السير على طرقنا!”

وهذه الحجة كانت صحيحة إلى حد ما، حتى تم تغيير البنية التحتية، وتوفير الطرق الإسفلتية والطرق السريعة، لتملأ السيارات هذه الشوارع.

ّإذاً، نعم، الأنظمة المالية والقانونية معقدة للغاية اليوم، ولكن هذا يرجع بشكل كبير إلى عدم كفاءة هذه الأنظمة وعدم توفيرها الثقة، ويؤدي ذلك إلى الحاجة إلى عدد من الأيام قبل تسوية الصفقات وتأخير طويل في حل النزاعات المالية.

في المقابل، تقوم التكنولوجيا الجديدة على تسوية الحسابات في الوقت الحقيقي، وكل ذلك مضمّن في عملية المعاملة نفسها.

أخيراً وليس آخراً

هناك الكثير من الاعتقادات الخاطئة، وسوء الفهم، والادعاءات الكاذبة التي أدلى بها النقاد الذين يعتقدون أنهم يفهمون هذه التكنولوجيا بشكل جيد.

ولكن في كل حجة تقريبًا، إذا قمت بالتمعّن فيها، ستجد دليلاً على الكسل الفكري أو التحيز أو كليهما.

وهذا لا يعني أن تكنولوجيا البلوك تشين والحسابات المسجلة قد حلّت جميع مشاكلها، ولا يعني أنها سوف تفعل ذلك بسرعة كبيرة.

لكنها هنا للبقاء، وسوف تغير العالم بطرق يمكننا فقط أن نتخيلها.